ثورة 26 سبتمبر.. مشعل الحرية في مواجهة الكهنوت



تمر اليوم الذكرى الـ62 لثورة 26 سبتمبر، الثورة التي غيرت مجرى تاريخ اليمن الحديث، والتي تجسد أحد أهم معالم الكفاح الوطني ضد الاستبداد والطغيان.. ففي 26 سبتمبر من عام 1962، أنطلقت شرارة الثورة، حيث قام الأبطال المخلصون بانتفاضتهم ضد النظام الإمامي الكهنوتي البغيض الذي عزل اليمن لعقود طويلة في ظلمات الجهل والفقر والتخلف.

 

ثورة 26 سبتمبر لم تكن مجرد حدث عابر في التاريخ اليمني، بل كانت محطة فاصلة فتحت الباب أمام عهد جديد من الحرية والكرامة، وأبطال الثورة كانوا يحملون في قلوبهم أسمى معاني التضحية والفداء، إذ قدموا أرواحهم ليحرروا اليمن من نظام سلالي استبدادي استحوذ على مقدرات الشعب، ومنع تطوره لعقود، وكانت ثورتهم صرخة ضد الظلم، وإعلاناً لبداية حقبة جديدة تتسم بالمساواة والعدالة والحرية.

 

الاحتفاء بهذه الذكرى الغالية على قلوبنا، ليس مجرد استذكار لتاريخ مضى، بل هو تأكيد على أن مبادئ الثورة لا تزال حيّة ومتجددة في نفوس اليمنيين، وهذه المبادئ تظل تُلهمنا في معركتنا المستمرة لتحقيق يمن حر، ديمقراطي ومستقل، يمن يتطلع أبناؤه إلى مستقبل أفضل.

 

رغم مرور ستين عامًا على قيام ثورة سبتمبر، فإن اليمن يجد نفسه اليوم أمام محاولة أخرى لإعادة البلاد إلى العهود المظلمة، فالسلالة الإمامية تسعى بكل قوة إلى طمس مكتسبات الثورة، محاوِلة إحياء نظام سلالي لا يختلف في جوهره عن الإمامة البائدة، والاماميون الجدد بأيديولوجيتهم المستوردة من إيران لا يمثلون شيئًا من روح اليمن أو تطلعات شعبه، بل إن مشروعهم التدميري يهدف إلى تمزيق الوطن وإعادة البلاد إلى عصور الجهل والتخلف.

 

ممارسات هذه الجماعة، لم تقتصر على تدمير مؤسسات الدولة، بل تعدت ذلك إلى الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان، واستهداف النسيج الاجتماعي لليمنيين، إنهم يمثلون تهديدًا وجوديًا ليس فقط للجمهورية، بل لكل قيم الثورة والحرية التي ناضل اليمنيون طويلاً لتحقيقها.

 

وفي هذه المرحلة الحساسة، يتوجب علينا جميعاً أن ندرك حجم التحديات وأن نقف صفًا واحدًا خلف قيادتنا السياسية، في مواجهة هذا المشروع التخريبي وعلينا أن نستعيد روح ثورة 26 سبتمبر، تلك الروح التي جمعت اليمنيين من كل حدب وصوب على هدف واحد: التحرر من الاستبداد والطغيان.. واليوم وبعد مرور عقود على تلك الثورة المجيدة، فإن الحاجة إلى الوحدة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.

 

إن المخرج الوحيد للخلاص من هذه السلالة السرطانية (التي دمرت البلاد وشردت العباد، وصادرت الممتلكات العامة والخاصة) هو توحيد الصفوف والعمل معًا لإستعادة الدولة والجمهورية، ويجب أن تكون مصالح الوطن فوق كل الاعتبارات، وأن نبذل قصارى جهدنا لتحقيق طموحات اليمنيين في وطن يسوده الأمن والاستقرار والازدهار والعدالة والمساوة.

 

إن روح ثورة 26 سبتمبر لا تزال حاضرة، تضيء لنا الطريق في مواجهة الظلم والطغيان، وتضحيات أبطالنا لن تذهب سدى وسيظل مشعل الحرية الذي أشعلوه مرشدنا نحو تحقيق الأهداف النبيلة التي قامت عليها ثورتهم، وعلينا أن نستمر في النضال حتى نصل إلى اليوم الذي نرى فيه اليمن وقد إستعاد عافيته وتخلص من هذه السلالة الخبيثة.

 

* رئيس ملتقى أبناء ذمار