اليمن في الصحافة

يمنيون يواجهون البطالة وانقطاع الرواتب بالبيع على العربات


       
يعجز عثمان منذ أشهر عن سداد المبالغ التي اقترضها من أقاربه لشراء عربة خصصها لبيع البطاطس في حي البليلي وسط العاصمة اليمنية صنعاء، فالإقبال الذي تشهده هذه المهنة في الآونة الأخيرة، بفعل البطالة وانقطاع رواتب الموظفين العموميين، أدى إلى تراجع المدخول اليومي للعاملين فيها.
 
بعد انقطاع راتبه وعجزه عن الحصول على عمل آخر، اقترض عثمان، وهو موظف عمومي يبلغ من العمر 40 عاماً، مبلغ 300 ألف ريال، أي ما يزيد على 500 دولار، لتأسيس مشروع صغير يتمثل في شراء عربة لبيع البطاطس والبيض مع مستلزمات أخرى، إلا أن الأمر لم يكن سهلاً، فشوارع العاصمة صنعاء تعج بأمثاله ممن اختاروا هذه المهنة.
 
شهد مشروع عثمان نجاحاً في بداية الأمر، ولمدة شهرين كان يتحصل خلالهما، على أرباح يومية تعادل ما بين 25 و40 دولاراً، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط»، أن تلك الأرباح بدأت بالتراجع التدريجي، ما اضطره إلى التخلي عن بيع البطاطس، واستبدال عربة أخرى يعرض عليها الملابس المستعملة بعربة البطاطس، وهي مهنة لم تحقق له الأرباح التي كان يأملها، بفعل الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها أغلب السكان.
 
ويشتكي عثمان من كثرة الديون والمعاناة التي يكابدها مع عائلته، التي تضم 3 أطفال، منذ انقطاع راتبه قبل سنوات عدة. وخلال عمله في بيع البطاطس ثم الملابس المستعملة، واجه مثل غيره من الباعة المتجولين، تعسفات أفراد جماعة الحوثي خلال حملاتهم لفرض الجبايات، ومصادرة العربات بما تحمله من السلع، واختطاف أصحابها.
 
في أحد الشوارع الفرعية وسط العاصمة صنعاء، رصدت «الشرق الأوسط» قرابة 28 عربة متعددة الأحجام والأشكال، يقوم مالكوها الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و40 عاماً، ببيع البطاطس المسلوقة والمقلية... وتزدحم شوارع وطرقات وأسواق العاصمة ومدن أخرى بالآلاف من هؤلاء الباعة؛ بسبب استمرار تدهور سبل المعيشة.
 
ويرى مراقبون، أن هذه المهنة تجذب الآلاف من الشبان العاطلين عن العمل، حيث يوفر باعة البطاطس وجبات زهيدة الثمن للأهالي، خصوصاً ذوي الدخل المحدود والعمال بالأجر اليومي، وعمال المحلات التجارية الذين غالباً ما يتناولونها للإفطار أو العشاء. ويعادل سعر الوجبة الواحدة نصف دولار تقريباً.
 
وأفاد مالك ورشة حديد في صنعاء، بقيامه بتجهيز أكثر من 234 عربة مختلفة الأحجام والأشكال منذ مطلع هذا العام، بحسب طلبات زبائنه الذين يخصصونها لبيع البطاطس والبيض ووجبات سريعة أخرى.
 
وأوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن العامين الماضيين شهدا إقبالاً شديداً على الورشِ الثلاث التي يملكها في شمال العاصمة؛ لطلب تجهيز عربات من النوع المخصص لبيع البطاطس، ويتراوح سعر الواحدة منها ما بين ما يعادل 150 و300 دولار، وفقاً لشكل وحجم كل واحدة منها.
 
ويتطلب صنع عربة لبيع البطاطس المسلوقة تصميماً خاصاً لاستيعاب أسطوانة غاز وموقد وعدد من القدور لسلق البطاطس والبيض، في حين يتوسع بعضهم ليبيعوا عليها البطاطس المقلية، وقلة منهم من يجرّب بيع وجبات سريعة أخرى.
 
وأعلن برنامج الأغذية العالمي، التابع للأمم المتحدة، في بيان له أخيراً، تقليص برامجه الإغاثية الرئيسية جميعها في اليمن اعتباراً من نهاية سبتمبر (أيلول) المقبل؛ بسبب أزمة حادة في التمويل.
 
وأكد البرنامج حاجته إلى مبلغ 1.05 مليار دولار خلال الستة أشهر المقبلة لدعم عملياته الإنسانية في اليمن، مؤكداً أنه لم يتم تأمين سوى 28 في المائة منها حتى الآن.
 
وقال، إنه يواجه في هذه الأثناء «أزمة تمويلية حادة لعملياته الإنسانية في اليمن»، الأمر الذي سيُحتم عليه اتخاذ بعض القرارات الصعبة للغاية بشأن مزيد من تقليص المساعدات التي يقدمها لليمن اعتباراً من نهاية الشهر المقبل.