أدب وثقافة

أبوالريش: أدب الجوائح يؤرخ لمخاوف البشرية


       

«الخوف من شيء ما» هو عنوان رواية جديدة للروائي علي أبوالريش والتي صدرت عن مركز اللغة العربية في دائرة الثقافة والسياحة، لتشكل إضافة إنسانية لأدب الجوائح الذي تتجلى أهميته كما أشار أبوالريش في أمرين الأول للتأريخ والترسيخ والثاني أنه يغوص في أعماق الإنسان أساساً.

وأوضح في حديثه لـ «البيان»: «فكرة الرواية مبنية على ما بعد المرض لأن المرض نفسه تقلص وأصيب من أصيب ونجا من نجا. المشكلة التي تناقشها هو ما نتج عن المرض من عصاب قهري».

وهم الخوف

تدور أحداث الرواية في إحدى قرى الإمارات، حيث يُصاب بطل الرواية بفيروس «كورونا» ويشفى منه، لكنه لا يُشفى من الخوف الذي خلفته التجربة في داخله، حتى صار في خصام مع الواقع وكلما فكر بالعودة إلى حياته الطبيعية حضر أمامه شبح الموت، ليصبح أسير قيودٍ وهمية صنعها لنفسه بنفسه، فيتحوّل إلى شخص آخر مختلف عما كان عليه قبل المرض.

وفسر علي أبوالريش تناول هذا الحدث بأن «الإنسان يظل مهما بلغ من قوة ضعيف جداً، فالخوف هو المشكلة التي تناقشها الرواية فالإنسان إذا مشى في الشارع وهو لا يضع القناع يشعر بالخوف من العدوى، وكذلك الأمر إن عطس شخص بالقرب منه.. فهذا المرض زرع في الإنسان وهم الخوف نفسه وحتى في الأسرة الواحدة خلق هاجساً مستمراً».

وقال: «على مر العصور يخاف الإنسان من شيء ما، إلى أن جاءت هذه الجائحة وركزت على الخوف بشيء مجسد في حياة الإنسان، فتخلص الإنسان من الوهم وعاش هذا الخوف الواقعي. ولكن في النهاية جاء من عقدة الخوف والإنسانية بدأت حياتها بالخوف من الزلازل والبراكين وغيرها، وأوجدت لها آلهة منهم من كان يعبد الشمس أو القمر حتى يتفادى هذه الوحوش الضارية».

وتابع أبوالريش: «حتى اليوم ونحن في أوج التطور البشري، لا يزال الإنسان يخاف من العدو الخارجي.

الدولة الصغيرة تخاف من الدولة الأكبر، والإنسان الضعيف يخاف من الإنسان الأقوى، وهكذا يظل الإنسان في حياته صانع هذا الثمن العملاق الكبير الذي يسمى الخوف، فحاولت من خلال هذه الرواية أن أعالج هذه الثيمة الروائية بالدخول إلى وجدان الناس».

المخزون الثري

رأى علي أبوالريش الملقب بشيخ الروائيين الإماراتيين: «أن الرواية تقوم على فكرة الصراع، والذي لا بد أن يبقى، فإذا انتهى الصراع بين المتضادات لانتهت البشرية، لأن الإنسانية مبنية على شيئين متناقضين. وبهذا التوحد مع الوجود تصبح المتناقضات متكاملات، وقد بدأت بكتابة الرواية في ظل الجائحة عام 2021 واستلزم مني كتابتها قرابة السنة».

وتابع أبوالريش: «الإمارات في الرواية هي مسرح الأحداث، وهي عينة صغيرة لعالم أوسع. فالإمارات لا تختلف عن العالم في شيء، وفي هذه البيئة يوجد نموذج الكراهية والحب، كما يوجد العصاب القهري، وكلها عموميات في العالم كله، فهي ضمن رحلة الوجود، وفيها الفقر والغنى، والكراهية والمحبة».

25

وقال أبوالريش: «رغم أني أصدرت 25 رواية أشعر بأني لم أكتب شيئاً، فالحياة فيها من المثيرات والمغريات والدوافع التي تجعل الكاتب يشعر أنه يبدأ من الصفر، ويخطئ من يقول أنني بدأت، فالمشاعر متدفقة وبالمقابل أيضاً المثيرات في الحياة متدفقة في الحياة.

\ومن يقرأ كثيراً تتدفق عنده أفكار وصور سواءً أكان الكتاب في الفلسفة أو بالأدب، وهناك صور مهمة جداً تحرض على الكتابة، لا أستعجلها أكتب عناوين وأتركها للزمن».

وأضاف: «في رواياتي أغوص في العقل الباطن لأنه مخزون ثري جداً، ولا يزال مجهول الهوية، لذلك نرى الصراعات والحروب، لهذا متى ما وصل الإنسان لفهم نفسه يزول الخلاف».

واختتم، قائلاً: «عندي رواية كنت أعمل عليها قبل «الخوف من شيء ما» بعنوان «زمن الشمبريش» و«الشمبريش» هو السردين الصغير الذي يتواجد حول أشجار الغاف، ولما كانت تشح الحياة على الناس قديماً كانوا يعدون منه طعامهم».