اليمن في الصحافة

الشرعية في اليمن على صفيح ساخن وحرب اقتصادية حوثية واحتجاجات


       

 



‎احتجاجات وإضرابات وانهيار للعملة، أوضاع شقت طريقها إلى المناطق اليمنية المحررة، لتردي الأوضاع المعيشية وسوء الخدمات.

حالة تزامنت مع توتر سياسي وإعلامي، يخيم على معسكر الشرعية في اليمن، وسط حديث عن تغييرات مرتقبة في الحكومة اليمنية، يدفع خلالها بدماء جديدة قادرة على التعامل مع تحديات الشارع، وإفشال الإجراءات الحوثية، التي تحاول تطويق معسكر الشرعية.

 

آخر التطورات

‎احتجاجات واسعة اندلعت يومي الأربعاء والخميس الماضيين، في عدد من المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية في عدن، تنديداً بانهيار العملة وتردي الخدمات وارتفاع أسعار السلع الأساسية.

‎وانخفضت قيمة العملة أمام الدولار الأمريكي إلى 1500 ريال للدولار الواحد، ما دفع السلطات إلى إيقاف بيع وشراء العملات الأجنبية، في محاولة لوقف الانهيار.

‎الاحتجاجات رافقها إحراق إطارات في عدد من المناطق، وإغلاق المحال التجارية، وقطع طرق، بينما بدأت مراكز تجارية إضراباً جزئياً عن العمل، احتجاجاً على انهيار العملة، واستجابة لدعوة تكتل تجار تعز الذي دعا للاستعداد للإضراب الشامل، حال عدم وضع حلول لتردي الاقتصاد والعملة.

‎لم يكن انهيار العملة -وحده- ما دفع المحتجين إلى التظاهر، بل إن ما وصفوه بتردي الخدمات وانقطاع الكهرباء ساعات متواصلة، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، كان محركًا رئيسًا -كذلك- لتلك التظاهرات.

 

رد الحكومة اليمنية

‎وجهت السلطة بإيقاف بيع وشراء العملات الأجنبية، بدءًا من الأربعاء، حتى إشعار آخر، وطالبت بمراقبة محلات الصرافة وتوجيهها بإيقاف عمليات البيع والشراء للعملات الأجنبية، سواء بالنقد أم عن طريق الشيكات أو داخل حسابات العملاء، مع بقاء التعامل باستلام الحوالات في محال الصرافة.

‎وفي محاولة لوقف تدهور العملة، عقد البنك المركزي اليمني –الأربعاء- اجتماعاً استثنائياً لمناقشة تطورات الحالة الاقتصادية وأسواق صرف العملات الأجنبية مقابل العملة المحلية، والحركة التي وصفها بـ«غير المبررة إما بدوافع سياسية وإما في إطار الحرب الاقتصادية التي تشنها الأجهزة الاستخبارية للمليشيات الحوثية».

‎ووجَّه المصرف المركزي بتشديد الإجراءات المتخذة من الإدارة التنفيذية للبنك، والتعامل بصرامة مع المتماهين مع عمليات المضاربة، للإضرار بمعيشة الناس والتأثير في الاستقرار، وأقر تنفيذ عدد من الإجراءات العقابية والتنظيمية الإضافية، في إطار القوانين والتعليمات النافذة.

‎إلا أنه طالب مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، بتوفير المناخ المناسب للاستقرار الاقتصادي، بما في ذلك إعادة تعبئة الموارد العامة للدولة وتخطيط إنفاقها، واقتصار الإنفاق على ما يتوفر من موارد وتمويل غير تضخمي.

‎وثمَّن المجلس الاستجابة السريعة للمملكة العربية السعودية، لدعم الشعب اليمني في هذا الظرف الصعب، مشيرًا إلى أن ذلك «أحد ثوابت المملكة تجاه أشقائها في كل المراحل خاصة في الأوقات الاستثنائية».

‎كانت مصادر يمنية، رجحت أن تقوم السعودية بتقديم وديعة مالية لليمن على صورة دعم متنوع، منها دعم مالي لموازنة الدولة، ليتمكن البنك المركزي من مواكبة الالتزامات المالية التي عليه من رواتب وأجور وغيرها.

 

‎ إجراءات أخرى

‎في السياق نفسه، استدعى رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، أعضاء المجلس إلى مقر إقامته المؤقت، في العاصمة السعودية الرياض، لبحث التدهور غير المسبوق للريال اليمني أمام الدولار.

‎وقالت مصادر يمنية، إن الاجتماع سيبحث التطورات في محافظتي حضرموت ومأرب (شرقي اليمن) والتصعيد العسكري الأخير للميليشيات الحوثية، في عدد من المحافظات.

‎كانت مليشيات الحوثي، صعدت تحركاتها المسلحة الميدانية في مأرب، فبنت مواقع قتالية جديدة واستقدمت مسلحين، وقصفت المدينة المكتظة بالسكان والنازحين بصاروخين بالستيين.

‎وتوقعت المصادر اليمنية، تغييرات مرتقبة في الحكومة الشرعية، ترافقها قرارات جمهورية لتحسين الاقتصاد الوطني، بينها إجراءات تتعلق بموانئ الحديدة ومطار صنعاء، في محاولة لإجبار الحوثيين على رفع الحظر عن استئناف تصدير النفط والغاز من محافظتي حضرموت وشبوة.

‎السيناريو هذا أشار إليه وزير الأوقاف اليمني السابق أحمد عطية، في «فيسبوك»، قائلًا إن هناك تغييرات جذرية كبيرة ستشهدها الحكومة الشرعية خلال الأسابيع المقبلة.

 

المتهم الأول في هذا الانهيار

‎يقول مراقبون، إن الأوضاع الاقتصادية المتردية في المناطق المحررة، بسبب «فشل الحكومة في استغلال ما أتيحت لها من أوراق لتثبيت الأمن والاستقرار، وترسيخ نموذج اقتصادي إيجابي في اليمن».

‎وبينما اتهم المراقبون المليشيات الحوثية، بشن حرب اقتصادية على الحكومة الشرعية والمناطق المحررة، بالتوازي مع الحرب العسكرية، أكدوا أن الشرعية لديها كثير من أوراق الضغط، إضافة إلى الاعتراف الدولي بها، ما يمنحها الأفضلية في التعامل مع الحالة اليمنية.

‎إلا أن فشل الحكومة، أفقدها ثقة الشارع بالمناطق المحررة، في إخفاق أدى إلى فقدان تلك الحكومة ثقة الشركاء بالتحالف والمجتمع الدولي، حسب مراقبين.

‎وأكد المراقبون، أن خضوع مجلس القيادة الرئاسي -في الآونة الأخيرة- للضغوط الدولية، وفتح المجال أمام الإيرادات لتتدفق إلى الميليشيا الحوثية عبر ميناء الحديدة، في الوقت الذي تقصف هذه الميليشيا موانئ الحكومة الشرعية النفطية، انعكس بشكل سلبي على موقف الحكومة الشرعية، وأسهم في تدهور الأوضاع الاقتصادية بالمحافظات المحررة.

‎وحسب المراقبين، فإن المليشيات الحوثية لجأت إلى الحرب الاقتصادية، التي عدتها أكثر جدوى من العسكرية، التي أخفقت في تحقيق أهدافها من خلالها.