اليمن في الصحافة

الأهرام : ثقة مصرية كاملة فى قدرة اليمن على تجاوز محنة الحرب الحالية


       

شكلت الزيارة الأولى للدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسى اليمنى للقاهرة، ولقاؤه بالرئيس عبد الفتاح السيسى، تأكيدا على قوة وتلاحم العلاقات المصرية - اليمنية عبر التاريخ، التى يؤكدها اليوم وقوف مصر الكامل بجانب الشعب اليمنى للحفاظ على وحدة وسلامة الأراضى اليمنية، عبر إنهاء الحرب التى اندلعت منذ فجر يوم 26 مارس 2015، وتسببت فى الكثير من المعاناة للشعب اليمني، وأضافت الكلمات والمواقف التى عبر عنها الدكتور رشاد محمد العليمى، وزيارته للمشروعات القومية المصرية ومنها العاصمة الإدارية الجديدة، مساحة جديدة للعلاقات الخاصة التى تربط الشعبين المصرى واليمني، حيث اختلطت فيها الدماء والمشاعر، دفاعاً عن مكتسبات الشعب اليمنى منذ عام 1962، وتأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسى على أن مصر تقف بجانب الشعب اليمنى فى جميع المراحل والظروف.

كل أشكال الدعم، التى أعلن عنها الرئيس عبد الفتاح السيسى لليمن، تتفق مع الدور المصرى التاريخى فى الساحة اليمنية، والتى بدأت منذ العصور القديمة والحديثة على السواء، ولعل من أقدم الشواهد التى تشير إلى تواصل البلدين، حرص الملك تحتمس الثالث إرسال وتلقى الهدايا من التجار السبئيين، وكان التجار اليمنيون المورد الرئيسى للبخور إلى المعابد المصرية القديمة.

فى العصر الحديث، حرص محمد على باشا، على مد نفوذ الدولة المصرية، إلى اليمن وتقوية العلاقات التجارية، وتبادل السلع بين البلدين، وتعززت أواصر العلاقة بعد دعم مصر للثورة اليمنية فى ستينيات القرن الماضى، بالدم وبالسلاح فى فترة حكم الرئيس جمال عبد الناصر، حيث شاركت قوات مصرية فى دعم ثورة اليمن للتخلص من الاستعمار البريطانى.

وكان دعم الرئيس جمال عبد الناصر حاسما للثورة اليمنية بقوات مسلحة مصرية فى عملية كبرى "العملية 9000"، كما تولت مصر إنشاء جهاز للدولة لأول مرة فى تاريخ اليمن، وتأسيس المستشفيات والمدارس والطرق والموانئ والمطارات.

ودائما ما كانت العلاقات بين مصر واليمن، إستراتيجية بامتياز نظرا للموقع الجغرافى لكل منهما ومرور مضيق باب المندب فى الأراضى اليمنية، وكذلك قناة السويس فى مصر فمضيق باب المندب، أحد أهم الممرات المائية فى العالم، حيث يربط بين البحر الأحمر وخليج عدن الذى تمر منه كل عام 25 ألف سفينة تمثل 7% من الملاحة العالمية، وتزيد أهميته بسبب ارتباطه بقناة السويس وممر مضيق هرمز، وفى حرب أكتوبر 1973، أغلقت مصر باب المندب طوال الحرب ولم تفتحه إلا فى يناير 1974، بعد توقيع اتفاقية فض الاشتباك الأولى وبدء الانسحاب الإسرائيلى من غرب قناة السويس، وبعد ثورة 30 يونيو 2013 حرصت مصر على عودة العمل العربى المشترك كأساس لحل مشكلات المنطقة العربية، نظرا لأن الأمن القومى العربى يرتبط بالأمن القومى المصرى، وهو ما أكده الرئيس عبد الفتاح السيسى بأن الدولة الوطنية الحديثة، الموحدة والقادرة والعادلة، هى الطريق لتجاوز الأزمات وتحقيق الطموحات المشروعة فى اليمن وللشعوب العربية.

ثقة ودعم

وهناك ثقة مصرية كاملة فى قدرة اليمن على تجاوز محنة الحرب الحالية، عندما قال الرئيس عبد الفتاح السيسي: "كانت اليمن دائما حاضرة زاهرة، وبوابة كبرى من بوابات العروبة والحضارة الإنسانية، ونحن على ثقة بأن اليمن بقدرات شعبه واستنادا إلى تاريخه العريق، سيتجاوز أزمته سريعا ويعود إلى موقعه الأساسى والطبيعى مستقرا وآمنًا ومزدهراً".

وحرص الرئيس عبد الفتاح السيسي، على تقديم كل أوجه الدعم للدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسى اليمني، عندما قال: "أود أن أشد على أيديكم وأن أعبر عن دعم مصر لكم، فى تلك المهمة بما تحمله من مهام جسيمة، ملقاة على عاتقكم، لتحقيق صالح الشعب اليمنى الشقيق".

وكانت كلمات الرئيس عبد الفتاح السيسي، واضحة فى دعم مصر لجهود مجلس القيادة الرئاسى اليمنى، للتوصل إلى حل سياسى عادل ومستدام للأزمة اليمنية يضمن تعزيز السلام والاستقرار، وإنهاء معاناة الشعب اليمني، والتأكيد على موقف مصر الثابت، والمستند إلى العلاقات التاريخية الراسخة والمتشعبة، التى تربط بين الشعبين المصرى واليمنى من خلال الدعم المصرى الثابت للشعب اليمنى الشقيق وللشرعية اليمنية، ووحدة الدولة اليمنية واستقلالها وسلامة أراضيها.

المرجعيات الثلاث

تستند أسس الحل السياسى فى اليمن إلى 3 مرجعيات، هى مخرجات الحوار الوطنى اليمنى فى عامى 2013 و2014، وقرارات مجلس الأمن ومنها القرار 2216 الصادر عام 2015، والمبادرة الخليجية التى نقلت الحكم من الرئيس على عبد الله صالح، إلى خلفه الرئيس عبد ربه منصور هادى، ولهذا شدد الرئيس السيسى على دعم مصر لكل الجهود الهادفة إلى تحقيق السلام فى اليمن، وفقا لمرجعيات الحوار الوطنى اليمني، والمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ونتائج المشاورات اليمنية الأخيرة فى "الرياض"، برعاية مجلس التعاون الخليجي، وقـرارات مجلس الأمن ذات الصلة مع التأكيد على ترحيب مصر، بإعلان الأمم المتحدة عن تمديد اتفاق الهدنة فى اليمن، وتقدير مصر لجهود الحكومة اليمنية الشرعية فى احترام التزاماتها، وفقاً لما نص عليه الاتفاق مع الدعوة المصرية، لكل الأطراف للتنفيذ الكامل لبنود الاتفاق، لما يمثله ذلك من تطور إيجابى يمكن البناء عليه لإطلاق عملية سياسية شاملة فى اليمن.

رحلات مباشرة بين القاهرة وصنعاء

وكما كانت مصر دائما داعمة للسلام والاستقرار، وكما هى سياسة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى العمل على وقف الحروب ونشر السلام فى كل أرجاء الإقليم العربي، وافقت مصر على طلب الحكومة اليمنية والأمم المتحدة، بتسيير رحلات طيران مباشرة، بين مطارى القاهرة وصنعاء، وانطلقت أول رحلة منها بالفعل فى الأول من شهر يونيو الجاري، وهذا تأكيد مصرى جديد للتخفيف من معاناة الشعب اليمنى الشقيق، ودعم كل الجهود التى تصب لصالحه، وهو ما يؤكد أن مصر لن تدخر جهدا فى مساعدة اليمن، وتقديم كل أوجه الدعم المختلفة للأشقاء اليمنيين، خاصة فى مجال تدريب الكوادر البشرية، وتقديم المساعدات الطبية والغذائية وتطوير البنية التحتية، ومشروعات الطاقة.

حماية أمن البحر الأحمر

دائما ما كان شريان البحر الأحمر، يربط بين مصر واليمن منذ فجر التاريخ، ومع تصاعد التحديات الجديدة فى كل دول العالم، فإن التعاون بين مصر واليمن للحفاظ على سلامة وأمن البحر الأحمر، يأتى فى صدارة اهتمام البلدين، وكان هذا محور النقاش بين الرئيس عبد الفتاح السيسي، ونظيره اليمني، والاتفاق على ضرورة تضافر كل الجهود وتكثيف العمل المشترك لحماية أمن وحرية الملاحة فى البحر الأحمر ومضيق باب المندب، والخليج العربي، وارتباط تلك المسألة الحيوية، بالأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين، واتفاق البلدين على خطورة أزمة خزان "صافر" النفطي، وما يحمله من تهديدات متعددة الأوجه، وضرورة تضافر الجهود الدولية، لحل تلك الأزمة فى أسرع وقت ممكن، عبر توفير الدعم والتمويل اللازمين، للخطة الأممية ذات الصلة.

تقدير يمني

من جانبه، أعرب الدكتور رشاد العليمى عن التقدير، لمواقف مصر الثابتة والداعمة لأمن واستقرار اليمن والمحيط الإقليمى ككل، مشيراً إلى تطلع اليمن إلى تكثيف التعاون المشترك بين البلدين على مختلف الأصعدة خلال الفترة المقبلة، وأشاد الدكتور رشاد العليمى كذلك بالرعاية والمعاملة الطيبة التى تلقاها الجالية اليمنية فى مصر، معرباً عن التطلع لاستفادة اليمن من الخبرة المصرية فى عملية إعادة الإعمار والبناء والتنمية، موضحاً أن التجربة المصرية خلال السنوات الماضية تعد فريدة من نوعها وملهمة لكل الوطن العربي، سواء على مستوى معدلات إنجاز المشروعات على كل المجالات، وكذا لتعامل مصر السياسى مع كل أزمات المنطقة بشكل حكيم ومتزن، وهو التعامل الذى يأتى امتدادا للسياسات والتوجهات القومية الأصيلة التى تتبناها مصر إزاء القضايا الإستراتيجية للأمتين العربية والإسلامية.

العلاقات الاقتصادية

تتمتع مصر واليمن بعلاقات قوية على جميع الأصعدة، خصوصا المجال التجارى والاقتصادي، ويحظى التبادل التجارى بين البلدين باهتمام كبير، ما أدى إلى زيادة العلاقات التجارية بين البلدين، وتعتبر مصر من أهم الأسواق لوجهة الصادرات اليمنية، إذ إنها تحتل المرتبة الثانية بعد السعودية. وسجلت قيمة التبادل التجارى بين مصر واليمن فى الـ 8 شهور الأولى من العام 2021 نحو 267.268 مليون دولار، منها صادرات مصرية بـ 235.374 مليون دولار، وواردات بـ 31.894 مليون دولار.

كما تشكل العلاقات الثقافية والتعليمية، مرتكزاً من أركان العلاقات بين البلدين، وقد شهد التعاون التعليمى بين مصر واليمن خلال السنوات الأخيرة نمواً متزايدا وهناك أكثر من 1300 طالب وطالبة من اليمن، يدرسون فى مختلف التخصصات بالجامعات المصرية، وبموجب اتفاقية التعاون التعليمى بين البلدين تقدم اليمن 20 منحة دراسية جامعية، معفاة من الرسوم سنويا للطلبة المصريين، فى حين تقدم مصر 40 منحة دراسية جامعية إضافة إلى 25 منحة فى مجال الدراسات العليا معفاة من الرسوم.

كما وقع عدد من الجامعات المصرية واليمنية خلال السنوات الماضية، على اتفاقيات تعاون من بينها اتفاقية التعاون الثقافى والعلمى بين جامعتى المنيا وصنعاء، واتفاقية أخرى بين جامعتى "إب" وقناة السويس لتعزيز التعاون بينهما بخاصة فى مجال طب الأسنان واتفاقية التعاون العلمى والثقافى بين جامعتى تعز وقناة السويس، لتطوير التعاون بينهما وتقديم المنح الدراسية لجامعة تعز، إضافة إلى البرنامج التنفيذى للتعاون الثقافى بين اليمن ومصر الخاص بتنظيم العلاقات الثقافية بين البلدين.

الدعم الإنساني

 لم تترك مصر اليمن فى أزمته التى يمر بها، فلم يقتصر الدور المصرى فى القضية اليمنية على الدعم السياسى والاقتصادي، بل تعداه إلى المستوى الإنسانى، فمنذ بداية الأزمة لم تترك القيادة السياسية فى مصر دولة اليمن الشقيق تمر بها لوحدها، بل شاركتها ماديًا ومعنويًا، وتبدى ذلك من خلال إرسال المساعدات الإنسانية، وبتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسى، أصدر الفريق أول محمد زكى القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى أوامره للإدارات التخصصية، بإعداد وتجهيز شحنة مساعدات من المستلزمات الطبية والمطهرات، وذلك للوقوف بجانب الشعب اليمنى الشقيق فى محنته ومجابهة انتشار فيروس كورونا والأوبئة الأخرى المنتشرة باليمن، حيث تم نقل المساعدات عبر طائرة نقل عسكرية ليتم تسليمها للحكومة اليمنية من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والمساعدات الإنسانية بالرياض، وتضامناً مع الشعب اليمنى الشقيق، وتنفيذاً لتوجيهات الرئيس السيسي، تم تسليم الشحنة الأولى من المساعدات الإنسانية المصرية الموجهة إلى الشعب اليمنى الشقيق، والتى يتم إرسالها على شحنتين مكونتين من 10 أطنان من الأدوية والأمصال والمستلزمات الطبية، كما قامت مصر بإرسال طائرة محملة بمستلزمات طبية ومواد غذائية، هدية من شعب مصر، لنظيره اليمنى الشقيق، فضلا عن إيفاد عدد من الأطباء المصريين إلى اليمن للإسهام فى تقديم الرعاية الصحية اللازمة للأشقاء فى اليمن.