السعودية.. قيادة وريادة سياسياً واقتصادياً وإنسانياً !



تسعة عقود ونيف مرت على بزوغ نجم ساطع في جزيرة العرب، ولد كبيراً وبقي كبيراً وكل يوم يزداد إتساعاً وإشراقاً، ذلك النجم هو المملكة العربية السعودية التي يغطي نورها المنطقة وتشمل أهميتها الوطن العربي قاطبة، فهي قائدة ورائدة ومكانتها في الصدارة، محور للارتكاز وقطب للتوازن، وواجهة للعرب والإسلام بلا منازع.

 

لقد صنع القائد العظيم والمؤسس الأول الملك/عبدالعزيز بن سعود بن عبدالرحمن -رحمه الله- حدثاً تاريخياً ومعجزة عربية خالصة بتأسيسه دولة عربية كبيرة أصيلة قوية ذات سيادة وريادة وهيبة وكرامة ومكانة على المستوى الإقليمي والدولي.

 

إن احتفال هذا العملاق العربي بعيده الوطني الرابع والتسعين يمثل فرحة عربية كلية ولا يخصه وحده، لأن أمنه واستقراره يعتبر مفخرة للعرب واعتزازاً لكل عربي ومسلم، ولزاماً علينا أن نبعث أسمى آيات التهاني والتبريكات وأطيب التحايا للمملكة العربية السعودية قيادة وشعباً بهذه المناسبة العظيمة على قلوبنا والمبهجة لأرواحنا، والتي تعزز قيم الود والإخاء وواحدية الدين والهوية والانتماء ووحدة اللغة والثقافة والفكر، والمبادئ والأسس الجامعة لكياننا المشترك وصلتنا العتيقة وسلامنا الدائم.

 

لم يكن تأسيس المملكة العربية السعودية اعتيادياً ومألوفاً في المنطقة؛ بل كان لحظة فارقة في تاريخ الشرق الأوسط وعلامة بارزة في القرن العشرين، إذ أن تأسيسها ونقطة انطلاقها مثل صعوداً عربياً نحو تشكل دولة حديثة عصرية، دولة نهضة وتطور وبناء، دولة مؤسسات وبنية تحتية، وتحول جذري في تغيير الأرض والأنسان، وإحداث نقلة نوعية في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وإقامة درع عربي حصين يحمي ظهر العرب والمسلمين ويصون هويتهم ويحرس مقدساتهم ويساندهم في الشدة والكرب.

 

ظلت المملكة العربية السعودية على امتداد تاريخها الطويل نقطة قوة ودعم مختلف القضايا العربية والإسلامية، يأتي دورها الفعال في المقدمة، لا تعرف الخذلان ولا التواري، وإنما عُرف عنها مواقفها العروبية الصادقة والشجاعة وروابطها القومية المتينة الكاشفة عن عظمة قيادتها وعمق رؤيتها وأفقها الجامع لشمل العرب وحرصها الدائم على الحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة والإقليم.

 

فرضت المملكة العربية السعودية حضورها وفاعليتها كلاعب دولي ورقم صعب في الساحة الدولية والسياسة العالمية سياسياً واقتصادياً بما تمتلكه من رؤية وإمكانيات جعلتها قطباً أساسياً وشريكاً قوياً في مجمل التحولات والأحداث والمواقف العالمية وتحظى بهيبة وتقدير ويعمل لها اعتبار من قبل القوى الإقليمية والدولية وذلك ناجم عن حنكتها السياسية في علاقاتها الدبلوماسية وفرض وجودها على كل الأصعدة. 

 

ولأن المملكة العربية السعودية تمتلك قيادة حكيمة وطموحة فهي السباقة في صنع الريادة، إذ يقود ولي عهدها الشاب صاحب السمو الملكي الأمير/محمد بن سلمان نقلة نوعية في تاريخ المملكة، تستوعب طموحه وترسم ملامح مملكته وتحمل رغباته في التطوير والتنمية، بوضعه رؤية (20-30) كخطة تنموية اقتصادية شاملة تعيد صياغة مستقبل المملكة وفقاً لمنظور العصر وتكنولوجيا اللحظة، بعيداً عن أحادية الدخل التقليدي والاقتصاد النفطي. 

 

بل يسعى إلى بناء نهضة اقتصادية سعودية متنوعة تستثمر العقول وتزرع الأرض وتحول المملكة إلى دولة ريادية صناعية تحديثية مصدرة ذات اكتفاء ذاتي من خلال الاستثمار في مختلف القطاعات الصناعية والهندسية والتنموية والاقتصادية وتحديث كلي للبنية التحتية وموارد الطاقة النظيفة والتغيير العميق للنمط الكلاسيكي القائم وجعل المملكة قبلة عالمية يقصدها المستثمرون وأصحاب رأس المال والسياح والعمالة.

 

إن رؤية (20-30) خطوة جسيمة تضع المملكة في صلب الاقتصاد العالمي وقفزاته المرموقة التحديثية التي تحقق طموح المجتمع وترسم مستقبلاً زاهراً له من خلال حركة تنموية شاملة تتجاوز كل المعوقات وتضع المملكة على رأس قائمة الدول المتطورة، والاقتصادات ذات المستوى العالي من الدخل.

 

وأينما فتشت في هوية هذا البلد العظيم ونهجه الوطني ستجد أن له باع طويل في كل مجالات بناء الداخل وعمق الروابط مع الخارج، فللمملكة العربية السعودية تاريخ مشرف ووجه مشرف في العمل الإنساني والمشاريع الخيرية وتسيير القوافل الإغاثية والتدخلات الطارئة في مختلف دول العالم وعلى مدى عقود، فقد تصدرت إسهاماتها في العمل الإنساني قائمة الدول الأكثر إنفاقاً في هذا الشأن، والذي يكلفها كثيراً من المليارات سنوياً، لكنها تعتبر ذلك واجباً دينياً وأخلاقياً وإنسانياً حملته على عاتقها ولا يمكنها أن تغير سياستها الخيرية أو تكف عن العطاء ومد يد العون والمساعدة لمختلف المحتاجين دون أن تنحاز لدين أو عرق أو هوية. 

 

فالإنسانية سمة رفيعة ونقطة اهتمام محورية في سياسية الدولة السعودية وقيادتها الرشيدة  يمنحها وسام إجلال وإكبار على ما تقوم به من جهد جبار وتعاون كبير مع ضحايا الحروب والكوارث والمضطهدين والمشردين باعثة الحياة في مناطق الموت والأمل في جغرافيا اليأس والبهجة في زوايا الألم.

 

وفي هذا السياق الذي نسلط فيه الضوء على أوجه الريادة وعظمة القيادة للملكة العربية السعودية في إطار عيدها الوطني الرابع والتسعين، نلحظ توجه اهتمام المملكة بدائرة الشباب باعتبارها العمود الفقري للمستقبل وحاملة لواء النهضة التحديثية، فقد تبنت المملكة نظاماً تأهيلياً وتدريبياً للشباب تعمل على تشكيل وعيهم وصقل مواهبهم وتنمية إبداعاتهم وبناء قدراتهم الذهنية والاجتماعية لكي يكونوا قادة ورواد في المستقبل. 

 

وتعد الندوة العالمية للشباب الإسلامي منظمة رائدة في هذا المجال، حيث تسعى لدعم هذه الشريحة الاجتماعية الهامة على مستوى العالم، ولها برامج توعوية وثقافية ومعرفية وتدريبية وتربوية فاعلة، تستهدف الشباب وتصنع منهم قوة إيجابية لخير مجتمعاتهم وصلاح شعوبهم، بحيث لا يتحولون إلى طاقة سلبية مهدورة يلتهمها التطرف والإرهاب والبطالة والانحراف في طريق اليأس والفساد الأخلاقي والاجتماعي وتتلقفهم طرق الشر ومنافذ الجريمة.

 

وعليه فإن دور الندوة العالمية للشباب الإسلامي يعد جزءاً لا يتجزأ من أهداف وغايات المملكة العربية السعودية التي تسعى لبناء أجيال مستقيمة يواجهون تحديات العصر ومعضلات الواقع في السعودية أو في دول العالم، ويتحلون بقيم الإسلام السمحاء وفضائل المدنية والتحضر والسلوك السوي الذي يعود بخدمة جليلة على الشعوب الإسلامية.

 

* مذيع تلفزيوني وباحث يمني