اليوم التالي
تحولت عبارة «اليوم التالي»، في الآونة الأخيرة، إلى «ترند» شائع في الصحافة والإعلام: «اليوم التالي في غزة»، و«اليوم التالي في لبنان»، واليوم التالي في سائر بلدان الحريق والرماد. استُخدم التعبير أول مرة عنواناً لفيلم أميركي عُرض عام 1983، ويحكي قصة تحول تكساس إلى رماد بعد اندلاع حرب نووية بين أميركا والاتحاد السوفياتي. وشاهده 100 مليون إنسان في العرض الأول.
اسمحوا لنا بالانضمام إلى «الترند» للكتابة عن «اليوم التالي» في البيت الأبيض، في هذه الساعات الأخيرة من الصراع بين المرشح النووي الأخير دونالد ترمب، ومنافسته كامالا هاريس. سواء عاد الرجل إلى البيت الأبيض، أو دخلته السيدة السمراء، ففي اليوم التالي، وما يتلوه من أيام وسنوات وعقود، قد لا تعرف أميركا حملة انتخابية بألوان ترمب، وطاقته المذهلة على المبارزة والصمود والردود على خصومه. لقد أنهى تاجر العقارات النيويوركي العمل السياسي في الولايات المتحدة كما عُرف من قبل.
لا أعراف. لا قواعد. لا أصول. لا كوابح، ولا حدود. لا شيء. رجل ضخم يرتدي طقماً أزرق، ويضع ربطة عنق حمراء، يفيق كل يوم ثائراً فائراً، يَعِد أميركا بالجنة، ويهدد معارضيه بالجحيم، ويخاطب منافسته كما لو كانا يتشاجران في مدرسة الروضة: بشرتك. لونك. أصلك. ويقول عن الممثل الذي لعب شخصيته في فيلم «المتدرب»، إنه رجل سخيف وممثل فاشل، ويدعو الناس إلى مقاطعة الفيلم.
أليس من المفترض أن تكون القضايا المطروحة أرفع من ذلك؟ ليس الآن. ليس الآن. ودَعْك من الرؤساء التاريخيين، وروزفلت، وكينيدي، إلى آخرهم. الآن «الدونالد» يخوض آخر معاركه، ولن يوقفه شيء في سبيل «اليوم التالي».
يوحي فيلم «المتدرب» بأن علاقة ترمب مع زوجته الراحلة كانت سيئة. لا يصدر النفي عن مكتب المرشح، بل عنه شخصياً: علاقتي بالمرحومة زوجتي كانت ممتازة. لا تصدقوا ذلك الفيلم السخيف.
أجل، ما من سباق رئاسي عرف مثل هذا الصخب، وهذه الألوان. الرجل الذي قد يحمل المفتاح النووي مرة أخرى، يفاكه الأميركيين، ويمازح العالم؛ يوماً يخدم في «ماكدونالد»، ويوماً يقود سيارة القمامة، واليوم الثالث لمطالعة نقدية حول فيلم سينمائي من إخراج الإيراني علي عباسي.
الرجل أسلوبه، سواء كان عادياً، أو 24 ساعة من السفر، والتنقل، والخطب، والسهر، والكلام، والأدوار جميعها، آخرها الصعود إلى مقعد السائق، في سيارة قمامة من طابقين.