أخبار عربية

البنك الدولي يدعم العراق في تحسين مناخ الأعمال


       
تبرز حاجة العراق بشكل ملح إلى مساعدة القطاع الخاص في عملية تمويل التنمية لتحقيق أهدافها في مواجهة التحديات المحلية والصدمات الخارجية، لاسيما مع تواتر المشكلات التي تنغص على المسؤولين تنفيذ الإصلاحات الموعودة.
 
ورغم أن البنك الدولي أكد في أحدث تقاريره أن ثاني منتجي النفط في منظمة أوبك بعد السعودية، يشهد تحولا كبيرا في تحسين بيئة الأعمال والخدمات العامة، لكن البعض يرى أن البلد لا يزال أمامه الكثير حتى يحقق الأهداف المرجوة.
 
وذكرت وزارة المالية في بيان أوردته وكالة الأنباء العراقية الرسمية أن البنك أصدر تقرير بيزنيس ريدي لعام 2024 أوضح فيه التقدم الذي أحرزه العراق في مجالات حيوية مثل الأطر التنظيمية، والخدمات العامة، والكفاءة التشغيلية.
 
ويتطرق التقرير، الذي نشر على هامش المؤتمر الأول لتنمية رأس المال البشري في العراق، والذي احتضنته العاصمة بغداد هذا الأسبوع إلى البعض من التطورات الإيجابية التي حققها البلد في جعل بيئة الأعمال أكثر جذبا وفعالية للشركات المحلية والدولية.
 
وقال ممثل مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك في العراق بلال زغير في تصريحات صحفية إن “استثمار الرأس المال البشري العراقي هو ركن أساسي لتحقيق تنمية مستدامة لجميع الفئات”.
 
وأضاف أن “التوقيت والتركيز الذي تبديه الحكومة العراقية في هذا المجال سيؤديان إلى تطوير الرأس المال البشري وستمضي في خطى متصاعدة في الأيام القادمة”.
 
ويكافح العراق الذي شهد حروبا وفترة حصار طويلة منذ أكثر من أربعة عقود بحثا عن حلول تساعد في تحفيز أصحاب الأعمال من العراقيين على ضخ أموالهم في مشاريع تسهم في تخفيف مستوى البطالة وتضييق دائرة الفقر وتدفع عجلة التنمية التي ظلت متوقفة منذ الغزو الأميركي في العام 2003.
 
ومن بين الإنجازات التي حققتها الحكومة، استقرار الإطار التنظيمي، حيث نجحت بغداد في تحسين سهولة ممارسة الأعمال من خلال تبسيط عمليات تسجيل الشركات وإلغاء متطلبات رأس المال الأدنى.
 
وهذا التحسن يسهم في جعل العراق أكثر جذبا لرواد الأعمال، خصوصا الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تلعب دورا أساسيا في توفير فرص العمل وتنويع الاقتصاد.
 
وأدت مواءمة اللوائح التجارية العراقية مع المعايير الدولية إلى تسهيل المعاملات عبر الحدود وخلق بيئة مستقرة وأكثر توقعا بالنسبة للمستثمرين.
 
وكان الوصول إلى المرافق العامة والبنية التحتية من بين التحسينات التي أوردها البنك الدولي في تقريره، حيث أحرز العراق تقدما ملموسا، وهو أمر أساسي لعمليات الشركات.
 
وقامت الحكومة بتقليل الوقت المطلوب للوصول إلى الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه ويجري حاليا العمل على استثمارات في البنية التحتية لتحسين موثوقية تقديم الخدمات في المستقبل.
 
ويقول خبراء المؤسسة المالية الدولية المانحة إن هذه الإصلاحات ساهمت بالفعل في تقليل التعطيلات التشغيلية وزيادة ثقة المستثمرين في السوق، على الرغم من الحاجة إلى المزيد من التحسينات قيد الإنجاز.
 
وشكل تعزيز لوائح سوق العمل أحد المؤشرات الإيجابية، حيث تهدف إلى حماية العمال وتعزيز شمولية السوق.
 
أبرز الإنجازات وفق البنك الدولي
 
وتشمل الإنجازات سياسات الأجور المتساوية، ولوائح مكافحة التمييز ودعم حقوق التفاوض الجماعي. كما وسعت الحكومة خدمات التوظيف العامة وبرامج التدريب لتلبية احتياجات القطاع الخاص.
 
ونظرا لأن الحكومة أولت القطاع الخاص اهتماما كبيرا فإن بيئة الأعمال تطورت كثيرا خلال العامين الماضيين وتقول وزارة المالية إنها ستستمر بالتطور وبوتيرة متسارعة خلال السنوات المقبلة عندما تنعكس ثمار الإصلاحات بشكل كامل.
 
وعملت السلطات على مدار السنوات الخمس الأخيرة على إصلاح عدد مهم من القوانين ونظام الضريبة ومنظومة الجمارك والدفع الإلكتروني والتجارة الإلكترونية والتحول الرقمي وإصلاح الشركات المملوكة للدولة، كما تم تقديم ضمانات للقطاع الخاص.
 
وأطلق العراق هذا الأسبوع أكثر من 100 فرصة استثمارية جديدة في مختلف القطاعات، وفقا لرئيس الهيئة الوطنية للاستثمار، حيدر مكية.
 
وتشمل هذه المشاريع مختلف القطاعات، وقد كانت ثمرة نقاشات كثيرة ضمن غرفة عمليات داخل الهيئة بعضوية المجلس الاقتصادي العراقي، وكذلك مكتب رئيس الوزراء، ورُسِمَت خارطة شاملة لها.
 
ويعتمد العراق بشكل كبير على النفط الخام. ويشكل قطاع الوقود الأحفوري الغالبية العظمى من عائدات التصدير ونحو 90 في المئة من إيرادات الدولة.
 
وينتج العراق بموجب اتفاق تحالف أوبك+ 4 ملايين برميل يوميا، رغم أنه رفع الإنتاج إلى 4.25 مليون برميل يوميا خلال يوليو الماضي، وفقا لتقرير سابق لأوبك، والمعتمد على المصادر الثانوية.
 
وسبق أن أشارت اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) إلى أن التأثير الإيجابي لاستثمارات القطاع الخاص على نمو الناتج المحلي الإجمالي للعراق سيفوق بأكثر من مرة ونصف المرة تأثير الاستثمارات العامة لو تمت الاستفادة منه على النحو الأمثل.
 
وأكد خبراء اللجنة التابعة للأمم المتحدة أن ذلك يؤكد درجة ارتباط استثمارات القطاع الخاص باستدامة التنمية والنمو الاقتصادي في المجتمعات التي تتمتع بالبيئة المناسبة للإسهام في عملية التنمية المستدامة.
 
ولطالما شدد صندوق النقد الدولي على أن العراق بحاجة ملحة إلى إجراء إصلاحات هيكلية حقيقية، والقيام بضبط مالي قوي والعمل على تنويع العوائد للحفاظ على الهوامش المالية الوقائية، بما يعزز نمو الناتج المحلي الإجمالي.
 
وبحسب الصندوق، سيعود الاقتصاد العراقي للنمو في العام الحالي بنسبة 1.4 في المئة مقابل انكماش بنسبة 2.2 في المئة خلال العام 2023، على أن يقفز معدل النمو في العام المقبل إلى 5.3 في المئة.
 
ومن المتوقع أن يحتل البلد مرتبة متأخرة في نمو اقتصاده لعام 2024، حيث سيأتي في المركز الـ12 عربيا، والـ121 عالميا بين 189 بلدا يتم تصنيفها، حيث يرتبط تراجع التنمية بالسياسات النقدية وتصدير النفط.
 
وتشير التقديرات الدولية إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للعراق سيبلغ في 2024 أكثر من 297 مليار دولار مع نصيب دخل للفرد يبلغ قرابة 5880 دولارا.