أخبار عربية

تركيا تبحث عن مخرج لاعنصري لوضع السوريين فيها


       

تستعد تركيا لمرحلة جديدة من التعامل مع السوريين بعد الاتهامات بالعنصرية التي طالت المجتمع التركي عقب أحداث قيصري.

وتأتي الاستعدادات بالتزامن مع عودة الزخم بشأن تطبيع العلاقات بين تركيا والنظام السوري الذي يعدّ إرجاع اللاجئين السوريين إلى بلدهم أحد أبرز أهدافه.

وقال الأكاديمي والسياسي والكاتب التركي ياسين أقطاي “ستكون هناك إجراءات تنظيمية جديدة للسوريين المتواجدين في تركيا تحت مسمى الحماية المؤقتة”، لافتا إلى أن العمل مستمر على تطوير وجودهم وتحسينه. جاء ذلك في ندوة حوارية عقدها “مركز حرمون للدراسات المعاصرة” في إسطنبول، تطرق فيها إلى أوضاع السوريين والأجانب في تركيا.

وقال أقطاي “السوريون لن يكونوا تحت الحماية فقط، بل ستكون لهم حقوقهم وسيكونون منظمين أكثر، وسيكون وضعهم أفضل”. ولفت إلى أن “هناك دراسات تعمل عليها وزارات الداخلية والتجارة والعمل (حاليا) لتطوير أوضاع السوريين وتحسينها” في تركيا.

وأردف موضحا “سيتم قريبا جدا تأسيس نظام (للسوريين المتواجدين في تركيا تحت مسمى الحماية المؤقتة)، وهذا سيطمئن الشعبين التركي والسوري، ولن يُظلم أي سوري أو أي تركي”، دون تقديم تفاصيل أخرى في هذا الشأن. وكشف كذلك أنه “سيكون هناك نظام جديد لتجديد الإقامات بالكامل عبر الإنترنت”.

وبخصوص مسار التطبيع مع النظام السوري وتأثيره على السوريين في تركيا قال أقطاي “أميركا موجودة في سوريا لمصلحة إسرائيل، وتدعم بي كي كي الإرهابي”. ولفت إلى أن “كل الدول التي حرضت تركيا على (رئيس النظام السوري) بشار الأسد أسست علاقات مع النظام، وكان ذلك فخا لتركيا، وهو ما يتطلب تغيير قواعد اللعبة”.

وشدد على أن “الرئيس رجب طيب أردوغان لن يترك السوريين يُرحّلون قسرا إلى سوريا”. وأشار إلى أن “عملية الانفتاح (من جانب تركيا) على النظام (السوري) قد تفشل؛ لأن النظام ليس له موقف ضد المشروع الصهيوني (المذكور سابقا)”. وأكد أن “عودة السوريين إلى بلادهم ليست مرتبطة بالعلاقات بين تركيا والأسد”. وأوضح أن “مسألة ترحيل السوريين تكون فقط لمن ينتهك القوانين”.

وبشأن ما جرى مؤخرا في ولاية قيصري رفض أقطاي وصف ما حصل بأنه “تفشّ للعنصرية والكراهية ضد السوريين” في تركيا. وقال “لا شك أن هناك بعض العنصرية (شاب تلك الأحداث) كما هو الحال في أنحاء أخرى من العالم، وعلينا أن نرفض العنصرية كما نرفض الجاهلية والوثنية”.

وأضاف “الشعب التركي ليس عنصريا، وهو شعب مسلم وصاحب مبادئ”. واعتبر أن “هناك من يريد أن يوحي بوجود تمييز عنصري في تركيا ضد السوريين أو العرب”، مشيرا إلى أن “الحكومة حاليا مستمرة في إجراء التحقيقات” في أحداث قيصري.

وفي مطلع يوليو الجاري شهد أحد أحياء قيصري أحداث تحريض واستفزاز ضد سوريين وممتلكاتهم عقب ذيوع ادعاء أن سوريًّا تحرش بطفلة من أقاربه.

وتلت أحداث قيصري أعمال عنف واعتداءات على مبان إدارية وعلى العلم التركي في المناطق المحررة شمال سوريا. وفي وقت لاحق ذكرت مصادر أمنية تركية للأناضول أن حسابات على مواقع التواصل مرتبطة بتنظيمي “بي كي كي/ كي سي كي” و”غولن” الإرهابيين حرضت على تلك الأحداث.

وفي هذا الصدد أشار أقطاي إلى أن هناك من له مصلحة في إحداث فرقة بين الأتراك والعرب. وأوضح قائلا “في تركيا بعد تأسيس الدولة قالوا للأتراك: العرب خانونا، وقالوا للعرب: الأتراك استعمروكم، وتم البناء على هاتين الروايتين، وكلتاهما كذب وافتراء”.

وأكد أن “من خان العرب والأتراك هو المشروع الصهيوني العالمي”. ولفت الأكاديمي والسياسي والكاتب التركي إلى أن “الحرب العالمية الأولى انتهت على هذه الفكرة” التي “تخدم الصهاينة وتؤسس لنار العنصرية”. واستطرد “كان من نتيجة الحربين العالميتين إعلان دولة الصهاينة وانهيار الدولة العثمانية، وأُسِّست عليها دويلات وقوميات لا تحصى”.

وتحدث أقطاي عن بعض ملامح المؤامرة التي تقف خلف أحداث قيصري قائلا “ما حصل من أحداث في قيصري كان عبارة عن عملية تُدار من مراكز (لم يحدّدها)، جاء بعضهم بالشاحنات ومن الميادين، وحصلت تحقيقات”، وأكد أن “شعب قيصري واع ويفهم ما يجري”.

وأردف “هذه الوقائع نطرحها للرأي العام، وهي معركة لا تنتهي بيوم ما، وليس على أحد ترك الساحة بسبب العنصرية؛ فمن يمارسها أقلية بسيطة، لكن تُدار من مراكز تُصر على تفكيك الأمة والتفريق بين العرب والأتراك”.

وتابع مشددا “نحن كأتراك لنا مصلحة في الاندماج مع العرب، والعرب لهم مصلحة في الاندماج مع الأتراك، ومن يريد ابتعادهم هو من يريد السيطرة على ثرواتهم، ويريد أن يكون العرب والأتراك أعداء”. وأكد أن “معظم المجتمع التركي لا علاقة له بهذه الفكرة”.