حزم الكويت



تمر الدول بمراحل أثناء قيامها ونشأتها، وتكون الدولة فتية قوية في عهد المؤسس، وتستمر الدولة فتية إذا تعاقب عليها حكام أقوياء، ولكن من السنن الكونية أنه بعد مرحلة التأسيس تمر الدولة بحالة من الترهل؛ نظراً لكثرة الرؤوس التي ترى أحقيتها في الحكم، وقد يكون ذلك سبباً كافياً لضعف الدولة على الأقل، ثم التمهيد لسقوطها.

 

في هذه الأثناء يخرج حاكم عادل وقوي يصحح مسار الدولة، كما حدث في الدولة الأموية في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه، حيث أعاد للدولة توازنها، وتفاجأ أمراء بني أمية باستدعاء القضاة لهم لرد المظالم التي أخذوها من الناس، فرُدت الأموال لبيت مال المسلمين، وكان أولها حلي زوجته، ومع استشعار الناس لعدل الخليفة هدأت الدولة، حتى إن الخوارج خففوا من ثوراتهم وجلسوا للحوار مع الدولة.

 

وفي الدولة العباسية كادت الدولة تخرج من سيطرة الخليفة لولا فطنة هارون الرشيد ونكبته للبرامكة ليعود التوازن للدولة ويصبح للدولة رأس واحد يدير البلاد.

 

الكويت رغم صغرها كانت منارة مضيئة في العالم العربي، فقد كان الناس في الخليج العربي ينتظرون صدور الصحف والمجلات الكويتية، بدءاً من «العربي» بقيادة رئيس التحرير أحمد زكي، والتي كان أخي رحمه الله يحتفظ بجميع أعدادها، حتى «النهضة» و«الرأي العام»، وغيرها من الإصدارات، والتطور غالباً إذا حدث فإنه يشمل جوانب كثيرة ومنها الفن، والأهم من ذلك الاقتصاد، فقد كانت الكويت تمثل نافذة اقتصادية تطل على أوروبا الشرقية، وكانت البضائع تُجلب للكويت ليشتريها تجار الخليج ويوزعوها في بلدانهم بحكم أنهم ممنوعون من السفر للدول الاشتراكية.

 

الممارسة الديمقراطية في الكويت كانت جديدة ورائدة في الكويت، ولكن يبدو أنها انحرفت عن مسارها الصحيح؛ فأوقفت التنمية وعطلت الاقتصاد بحكم المشاحنة بين مجلس الأمة والحكومة، حتى رأيت محللين سياسيين كويتيين يتمنون قائداً يصحح المسار مثل الأمير محمد بن سلمان، ورأيت البعض يتمنى «ريتزاً» كويتياً يُجمع فيه الفاسدون.

 

أمير البلاد الشيخ مشعل الصباح أدرك أن الكويت بحاجة لحزم يعيد للبلاد تنميتها وازدهار اقتصادها، وهو ما يريد المواطن أن يراه بدلاً من أن يرى مناكفات نواب الأمة التي مبعثها مصالحهم لا مصالح ناخبيهم.

 

الكويت مقبلة على مرحلة جديدة شعارها إنفاذ المشاريع التي تخدم المواطن والتي تعطلت ردحاً من الزمن، لمصالح غامضة ليست مصلحة المواطن الكويتي منها. ودمتم.