أخبار وتقارير

العيد في اليمن.. أجواء فرح لا تزال حاضرة (تقرير)


       

تقرير عين عدن - خاص

يأتي العيد كُل عام ليُذكر اليمنيين دائماً أنه بالرغم من تعدد الثقافات المحلية والمناطقية، إلا أن الاحتفال بالعيد من حيث العادات والتقاليد الشعبية لا يختلف كثيراً من مُحافظة إلى مُحافظة، فالفرحة والابتهاج والطقوس مُتقاربة إلى حداً كبير، رغم التنوع الكبير الموجود في بلادنا بين مناطق حضرية وريفية وساحلية وسهلية وأخرى جبلية وعرة.

 

طقوس مشتركة

وتشترك مُعظم مناطق اليمن، بالاحتفال في العيد من خلال إقامة الشعائر الدينية وارتداء الملابس الجديدة والجميلة والتقاء الجيران والأصدقاء وتبادل التهاني معهم في مصليات العيد، وزيارة الأهل والأقارب، واستعداد النساء المُسبق لاستقبال العيد عبر تنظيف المنازل وتجهيز غرف استقبال الضيوف والزوار لتظهر بأبهى حلّة، فضلًا عن التزيّن بنقوش الحناء على الأيدي والأرجل، وطباخة "كعك العيد"، الذي لم يعدّ رائجًا بشكل كبير.

 

أهم طقوس العيد

وتبرز المأكولات والأطباق اليمنية خلال العيد، كواحدة من بين أهم الطقوس في البلد، خاصة في وجبة الغداء، التي تختلف المناطق في تفضيلها، إذ يفضّل سكان عدن وبعض المناطق الجنوبية، تناول وجبة "الزربيان" التي يتم إعدادها من الأرز واللحم أو الدجاج، في حين تقدّم مناطق أخرى في الجزء الشمالي، أطباقًا يعتمد معظمها على الخبز والمرق، ووجبة "السُوسي" المعدّة من الخبز والسمن البلدي والبيض، إلى جانب فطائر "بنت الصحن".

 

أجواء فرح لا تزال حاضرة

وعلى جانب آخر، قال نُشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، إن أجواء الفرح لا تزال حاضرة في عدن رغم كثرة المنغصات واندثار الكثير من العادات والتقاليد القديمة، في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة وتقادمها الزمني، كأن تقوم بعض الأسر بطلاء جدران غرفة استقبال الضيوف واستبدال الباب الخارجي للمنزل بآخر جديد، كما أشروا إلى أن هُناك الكثير من الأسر لا تزال محافظة على طقوسها، في زيارة قبور من فقدوا من أحبائهم، إما بشكل جماعي أو أفراد، عقب صلاة العيد أو خلال سائر أيامه.

 

دراهين وجاري الجمل

وأضاف النُشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، أن فئة الأطفال هي الأكثر استمتاعًا بالعيد، من خلال ممارسة الألعاب على المراجيح اليدوية المعروفة محليًا بـ"الدراهين" التي لا يزال بعضها حاضرا في مناطق عدن منذ أكثر من قرن، إضافة إلى ركوبهم "جاري جمل"، الذي يأخذهم في جولات على متن عربة خشبية يجرّها الجمل.

 

تصالح المتخاصمين وهدايا ومال للنساء

وفي صنعاء، تختلف العادات العيدية بعض الشيء في المدينة القديمة التي لا تزال متمسّكة ببعضها، كتصالح المتخاصمين والمختلفين في أول أيام العيد، وتقديم القهوة للزوّار في فناجين مخصصة ومصنوعة من الفخار، تدعى "الحياسي"، فيما يحرص الرجال المقتدرين ماديًا، على تقديم الهدايا أو المال للزوجات أو البنات أو الأمهات، نظير جهودهن المبذولة خلال رمضان.

 

جعالة العيد

واعتاد المواطنون على استقبال الأعياد الدينية بشراء المكسرات والزبيب والحلويات، لتقديمها كعيدية للأطفال أو ما يسمى في مناطق شمال البلاد بـ"جعالة العيد"، لكن هذه العائدة الرائجة في مختلف مناطق البلاد، تشهد تراجعًا كبيرًا في ظل الانهيار الاقتصادي المتواصل، وتفاقم الأزمة الإنسانية "الأكبر على مستوى العالم، وفق الأمم المتحدة.

 

زواجات جماعية

وتتفرد محافظة حضرموت، بمناطقها المختلفة ساحلا وواديا، بعاداتها المميزة، كالزواجات الجماعية التي تشهدها مختلف مدن وادي وصحراء حضرموت خلال شهر شوال، والتعبير عن الفرح والابتهاج من خلال تأدية الرقصات الفلكلورية القديمة من بينها، كرقصات: "العدة، الشبواني، الزربادي"، إضافة إلى أمسيات المساجلات الشعرية والفعاليات الثقافية.

 

عادة الإحياء

من جانبه قال الباحث التاريخي، أحمد الرباكي، في تصريحات صحفية، إن مدينة العلم والعلماء "تريم" التي يرجع تاريخها للقرن الرابع، تتميز عن غيرها من مدن حضرموت بعادة "الإحياء" التي تبدأ منتصف ليلة العيد وتستمر حتى صلاة الفجر، عبر الحضور للمساجد والقيام بالصلاة والذكر وقراءة القرآن، وهي تعدّ فرصة لمن لم يكمل تلاوة القرآن كاملًا في رمضان.

 

أجواء رمضانية في العيد

ويشير الباحث التاريخي أحمد الرباكي، إلى أن عيد الفطر يكون يومًا واحدًا فقط في تريم الشهيرة بطابعها الإسلامي، إذ تعود أجواء شهر رمضان مجددًا لفترة مؤقتة، يصوم فيها سكان المدينة بشكل جماعي، ستة أيام متتالية من شوال بعد اليوم الأول للعيد مباشرة، مُضيفًا أن أهالي تريم، يجرون الزيارات والمعايدات عقب صلاة العشاء، خلال صيام الست من شوال، التي تكون لياليها مناسبات لاجتماع الأقارب والأسر، كما أن لهذه المدينة عيدًا آخر، يطلق عليه "عيد الست"، ويكون يوم الثامن من شوال، "يتم تخصيصه لزيارة بعض المقامات وبعض الأسر العلمية والعلماء في المدينة".

 

جلسات العيد

يسيطر القات على مجالس الرجال يوم العيد، حيث يعتبر اليمنيون جلسات القات العيدية أهم جلسات العام لأنها تجمع شيخ القبيلة مع معظم أفراد قبيلته لتدارس الأوضاع والنقاش حول بعض القضايا، مع الابتعاد عن الروتين اليومي وهو سماع الشكاوى، كما يُحكى في مجالس العيد كثير من الحكايات والطرائف والقصص التأريخية مع ذكريات الأعوام الماضي، بالإضافة إلى أن هًناك جلسات عيدية داخل المنازل يقبل لكثير من اليمنيين على السفر مع أسرهم إلى مناطق سياحية وساحلية مثل عدن والحديدة،  كما ينفذ البعض حفلات رقص شعبي في ساحات كبيرة تعبر عن البهجة.