أخبار وتقارير

تحويل الحوثي الشيخ الكميم لمحكمة مُختصة بالإرهاب.. إعلان رسمي للحرب مع القبائل (تقرير)


       

تقرير عين عدن- خاص

كعادة جماعة الحوثي الانقلابية، لا تلتزم بالوعود أو العهود، وهو ما ظهر جلياً في إحالتها، رئيس نادي المُعلمين عبد القوي الكميم وثلاثة من زملائه، لمحكمة مختصة بقضايا الإرهاب وأمن الدولة، بعد أكثر من أربعة أشهر من اعتقالهم، رغم قبول عدد من القبائل وساطة "قبيلة عنس" لفض اعتصام قبائلي كبير كان يُطالب الحوثيين بالإفراج عن الكميم.

 

تفاصيل واقعة الوساطة

قبل أقل من شهر، احتشد المئات من قبائل الحدا في محافظة ذمار والمناطق المجاورة في محافظة إب في ساحة العروض الرئيسية في ميدان السبعين بالعاصمة المختطفة صنعاء، للمطالبة بالإفراج عن رئيس نادي المعلمين عبد القوي الكميم المعتقل لدى الحوثيين منذ أشهر على خلفية تزعمه الدعوة لصرف رواتب المعلمين التي قطعها الحوثيون منذ ثمانية أعوام، بينما يصرفون رواتب ومكافآت باذخة لمسؤوليهم.

 

توسط قبائل عنس للحوثيين

وذكرت مصادر قبلية، أن المُعتصمين وبينما كانوا ينتظرون مجاميع قبلية أخرى كانت في طريقها للمشاركة في الاعتصام، فوجئوا بإرسال الحوثيين مجاميع من قبيلة عنس في ذمار على رأسهم مستشار مجلس حكم الحوثيين محمد المقدشي، الذي قدّم للمعتصمين «جاهاً قبلياً»، تمثّل في جنبيته الشخصية (الخنجر) ومجموعة بنادق، طالباً إعطاءه مهلة ثلاثة أيام لاحتواء الموقف.

 

تمييز وتجليل قبائل عنس

وتقديراً لهذه الخطوة المتعارف عليها لدى القبائل، أعلن المعتصمون ما يسمى «تمييز وتجليل» قبائل عنس، وقبلوا بما جاءوا به، لأنه ووفق الأعراف القبلية إذا رفض الحوثيون الاستجابة لتلك المساعي فإن قبائل عنس ملزمة بأن تنضم لقبائل الحدا وقبائل إب، وقد مرت بالفعل الثلاثة أيام بل ثلاثة أسابيع وهو ما سيضطر قبائل عنس (حسب مصدر قبلية) للانضمام للقبائل المُحتجة ضد الحوثيين.

 

قبائل آخرى ستنضم لمواجهة الحوثي

ومع أن هذه الخطوة متعارفة في عرف القبائل؛ إلا أن مجموعة من الشبان المعتصمين حاولوا (في ذلك الوقت) التمرد على ما حصل ورفضوا الوساطة، مؤكدين أنهم لن يغادروا ميدان السبعين إلا بتحقيق مطالبهم، لكن وجهاء القبائل تمكنوا في الأخير من إقناعهم بسلامة الموقف القبلي، وأبلغوهم أنه إذا لم يقم الحوثيون بإطلاق سراح الرجل، فإن قبائل أخرى سوف تنضم إلى الاحتشاد القبلي حتى يرضخوا لذلك المطلب.

 

شهوراً في الإخفاء القسري

وعلى جانب آخر، ذكر بيان صادر عن رئاسة نادي المعلمين أن الكميم ورفاقه يعانون الأمرّين في السجون، حيث أمضوا شهوراً في الإخفاء القسري، وأنه ورغم الوقفات الاحتجاجية للمعلمين والقبائل والوساطات، فإن الحوثيين وبدلاً من الاستجابة وعمل الحلول أو تحويل القضية للجهات القضائية المختصة، أحالوه إلى المحكمة المتخصصة بقضايا الإرهاب، كما أكد البيان تدهور الحالة الصحية لرئيس النادي، واستغرب إقدام الحوثيين على التحقيق معه ورفض الإفراج عنه وفقاً لقانون الإجراءات الجزائية؛ لأنه لا توجد جريمة تنسب إلى من يطالب بحق مشروع وقانوني.

 

رفض قاطع للتُهم

النادي وبوصفه ممثلاً للمعلمين، أعلن رفضه القاطع للتهم الموجهة إلى الكميم وزملائه، وتمسك بمطالبه المعلنة والمتمثلة بصرف المرتبات المنقطعة منذ ثماني سنوات وبأثر رجعي باعتبار ذلك حقاً قانونياً ودستورياً، وجدد دعوته لكل المنظمات الحقوقية والإنسانية والمجتمع وكل الأحرار للوقوف مع المعتقلين، والمطالبة بسرعة الإفراج عنهم دون قيد أو شرط، ومساندة المعلمين المطالبين بصرف رواتبهم، محملاً سلطة الحوثيين المسؤولية الكاملة عن صحة وسلامة وحياة الكميم ورفاقه.

 

إدانة حكومية

‏من جهتها، أدانت الحكومة  بأشد العبارات، على لسان وزير الإعلام معمر الإرياني، إحالة رئيس نادي المعلمين وزملائه، على ما يسمى «المحكمة الجزائية المتخصصة» بعد خمسة أشهر من اختطافهم وإخفائهم قسراً في معتقل تابع لجهاز «الأمن والمخابرات» الحوثية، مُشيراً إلى أن هذه الخطوة اتخذها الحوثيون بعد أن رفض الكميم قائمة من الشروط للإفراج عنه، منها التخلي عن رئاسة نادي المعلمين، وعدم المطالبة بالمرتبات.

 

إيرادات الدولة لعناصر الجماعة فقط

واستنكر الوزير الإرياني رفض الحوثيين الاستجابة لمطالب المعلمين وباقي موظفي الدولة في مناطق سيطرتهم، وقال إن الحوثيين خصصوا إيرادات الدولة المنهوبة والتي تقدر خلال عامي 2022 - 2023 بـ(4 تريليونات و620 مليار ريال) من قطاعات (الضرائب، والجمارك، والزكاة، والأوقاف، والنفط، والغاز، والاتصالات) لصرف مرتبات عناصرهم بانتظام، وذكر أن الجماعة عمدت إلى اعتقال القيادات النقابية والإعلاميين والصحافيين والنشطاء الذين رفعوا مطالب صرف الرواتب.

 

استغلال أحداث غزة في تكميم الأفواه

وبحسب وزير الإعلام، فإن ما أسماها «الجريمة النكراء» ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، فقد نفذ الحوثيون منذ انقلابهم «أبشع الجرائم والانتهاكات» بحق الكادر التعليمي في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، كما اتهمهم بتجريف العملية التعليمية، ضمن مخططهم لهدم وتجريف مؤسسات الدولة، ورأى أن هذه الممارسات تكشف «حالة الهيستيريا» التي أصابت الحوثيين، واستغلالهم الأحداث التي تشهدها المنطقة، ومزاعم نصرتهم «غزة» لإخماد الأصوات المناهضة لهم والمنددة بممارساتهم، واستمرار نهبهم للإيرادات العامة للدولة، وحرمان الموظفين من رواتبه، مُطالباً المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوث الأممي بممارسة ضغوط حقيقية على الحوثيين لإطلاق رئيس نادي المعلمين وزملائه فوراً دون قيد أو شرط.

 

ينكث الحوثي بعهده

وعلى جانب، أشارت مصار قبلية إلى أن جماعة الحوثي نكثت بعهدها الذي قطعته لقبائل الحداء، بمحافظة ذمار، بالإفراج عن الشيخ أبوزيد الكميم رئيس نادي المعلمين، المختطف في سجونها منذ 8 أكتوبر من العام الماضي، مُشيرة إلى أن قيادات حوثية بارزة عقدت اجتماعا مع عدد من مشائخ الحدا، عقب إرسالها الشيخ محمد حسين المقدشي - أحد أبرز مشائخ عنس- لرفع جموع غفيرة من أبناء قبائل الحدا واليمن كانت قد احتشدت في ميدان السبعين بصنعاء لغرض تنفيذ اعتصام مفتوح حتى الإفراج عن الشيخ ابوزيد الكميم.

 

استمرار الحوثي في المُماطلة

واشترطت الجماعة الحوثية (حسب المصادر)، خلال الاجتماع تقديم اعتذاراَ علنياً من الشيخ إسماعيل الجلعي عن وصفه مداهمتها لمنزل الكميم واختطافه في اجتماع ضم مشائخ ووجهاء الحدا والمناطق الوسطى بأعمال العصابات كشرط للافراج عن الأخير، وبالفعل قدم الشيخ الجلعي اعتذارا بناء على طلب الحوثي ووعدت الجماعة بالافراج عن الشيخ الكميم، لكنها نكثت بوعدها واستمرت بالمماطلة.

 

رفض الشيخ الكميم لضغوط الحوثي

وعلى جانب آخر، ذكرت المصادر، أن الجماعة مارست ضغوطا على الشيخ الكميم داخل السجن، لإقناعه بالتخلي عن رئاسة نادي المعلمين، وعدم مطالبته بدفع مرتبات المعلمين المتوقفة لأكثر من ثماني سنوات، كشرط مقابل إطلاق سراحه (وهو ما يتفق مع تصريحات الوزير الإرياني)، لكن الشيخ الكميم أكد عدم تخليه عن المطالبة بحقوقهم المشروعة، وأنه سيعمل على انتزاعها دستورياً وقانونياً.

 

تحميل الوسطاء المسؤولية

وحملت المصادر الشيخ محمد حسين المقدشي أحد أبرز مشائخ عنس ومستشار مهدي المشاط  رئيس سُلطة الحوثي، والمدعو عبدالحكيم الخيواني رئيس ما يسمى جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثي مسؤولية تبعات أي تصعيد إثر المماطلة والتسويف بوعودها بالإفراج عن الشيخ الكميم.

 

إعلان حرب على القبائل

وأشار مُطلعون على الوضع، إلى أن تحويل جماعة الحوثي، الشيخ الكميم، لمحكمة مُختصة بالإرهاب، هو إعلان رسمي للحرب مع القبائل الحليفة للجماعة، شددوا على أن مرور الأمر دون رد فعل قوي من القبائل هو إعلان لوفاة القبائل في مناطق سيطرة الحوثي، معتبرين أن الجماعة تعاملت مع القبائل باستهانة، كما أن القبائل التي توسطت لفض الاعتصام المُطالب بالإفراج عن الشيخ الكميم وعلى رأسها قبائل عنس أصبحت مُضطرة قبائلياً للانضمام إلى القبائل المُناهضة للحوثي.