أخبار وتقارير

أمريكا وإيران والحوثي.. الثلاثي المُستفيد من فوضى البحر الأحمر (تقرير)


       

تقرير عين عدن – خاص

 
رغم ادعاءات جماعة الحوثي، أن هجماتها البحرية موجهة ضد الصهاينة ونصرة لغزة، لكنها على أرض الواقع حققت عدداً من الأهداف مُتعددة المستويات تتجاوز كُلها القطاع المُحاصر، وتصب فقط في مصلحة جماعة إيران في اليمن ونظام الملالي في طهران، بالإضافة لتحقيق مصالح الولايات المُتحدة الأمريكية وحُلفائها وعلى رأسهم دولة الاحتلال.
 

سيطرة إيران على البحر الأحمر

قال محللون سياسيون، إن من نتائج ضربات الحوثي البحرية، إنه لأول مرة تُصرح إيران عبر وزير دفاعها في ديسمبر الماضي بأن منطقة البحر الأحمر تحت سيطرتها ولا يمكن للآخرين المناورة فيها، وقال المُرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية علي خامنئي، إن تغييرات جيواستراتيجية حدثت فعلا في المنطقة لصالح محوره.
 

تجنيد الآلاف وتأكيد المزاعم

جماعة الحوثي من جانبها حققت العديد من المكاسب، أهمها ما أعلن عنه عبدالملك الحوثي في آخر خطاب له قبل أيام حول أن ميليشياته جندت أكثر من 160 ألف عنصر جديد منذ طوفان الأقصى في أكتوبر الماضي، وبغض النظر عن صحة هذا الرقم، كانت مليشيا الحوثي قد فقدت الكثير من قدرتها على التجنيد، على الأقل في وسائل إعلامها منذ بداية الهدنة في أبريل 2022، كما أن الهجمات الأمريكية - البريطانية أكدت مزاعم الحوثي حول أنهم كانوا في حالة حرب مع أمريكا.
 
 

الفتح الموعود والجهاد المقدس

جماعة الحوثي استفادت أيضاً من الرد الأمريكي – البريطاني على هجماتها البحرية في الإعلان عن معركة جديدة تحت عنوان الفتح الموعود والجهاد المقدس للعودة من  جديد لمُهاجمة قوات الجيش اليمني لتوسيع رقعة الأرض التي تُسيطر عليها الجماعة، حيث يشير مفهوم الفتح الموعود إلى انتصارات قريبة التحقق بالسيطرة على مناطق جديدة وواسعة وفق تصريح للقيادي الحوثي ورجل مالها النافذ علي ناصر قرشة، أما الجهاد المقدس، فهو مقارب لاسم الدفاع المقدس التي أطلقته إيران على حربها ضد العراق في ثمانينيات القرن الماضي، لكنه يشير أيضا إلى معركة هجومية تستعد لها الميليشيا.
 

استهداف الحوثي لجبهات مأرب

وعملت المليشيا منذ طوفان الأقصى على إرسال الآلاف من جنودها وعناصرها عبر فترات متفرقة منذ بداية عملياتها البحرية إلى عدد من الجبهات أهمها جبهات مدينة مأرب القربية من نهم، والشمالية الغربية عبر محافظة الجوف، والجنوبية انطلاقا من محافظة البيضاء التي انتقلت منها قوات احتياط الحماية الرئاسية الحوثية بالآلاف مع عربات مدرعة وأعيد تمويهها لتناسب السلسلة الجبلية لأقصى منطقة سيطرة حوثية وصلت إليها في جبال البلق الأسبوع الماضي. 
 

إرسال الحوثي تعزيزات إلى تعز

وأرسلت مليشيا الحوثي سلسلة من التعزيزات العسكرية إلى محافظة تعز، وشنت فعلا هجمات مركزة وحاولت من خلالها اختراق الخطوط الدفاعية للحكومة في تعز خاصة عبر الجبهة الغربية، وقد وقعت محاولتان للسيطرة على جبل هان ومنفذ الضباب بين مدينة تعز والتربة المنفذ الوحيد للمدينة خارج الحصار الحوثي، أواخر ديسمبر الماضي، ثم كررت محاولة أخرى لإسقاط الجبهة الغربية أواخر يناير الماضي عبر تسلل مجاميع منها للسيطرة على معسكر الدفاع الجوي غربي مدينة تعز.
 

تصوير القوات الحكومية على أنهم عُملاء

وصل استغلال الحوثي للهجمات الأمريكية – البريطانية ولحرب غزة في الزعم  أن المعركة التي تقودها ضد الولايات المتحدة صارت مباشرة، وأن الجبهات المناوئة له منذ عقدين إنما هي جبهات عملاء الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي، لدرجة أن الميليشيا أجرت سلسلة من المناورات العسكرية افترضت فيها أن القوات الحكومية في عدة جبهات خاصة مأرب عبارة عن مستوطنات إسرائيلية، وأن القوات الحكومية بمختلف تشكيلاتها إنما هي قوات احتلال إسرائيلية أو عميلة لها.
 

تحويل الانتباه

وبالنظر إلى كيف كانت الظروف في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في شمال اليمن قبل اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس، يتضح أن هذا يسمح أيضا للحوثيين بتحويل الانتباه بعيدا عن   الوضع   الكارثي، المُتمثل في ارتفاع أسعار الغذاء والوقود وعدم دفع الأجور الحكومية وانتشار البطالة ونقص الفرص الاقتصادية والقمع الوحشي للمعارضين.
 

عسكرة واشنطن للبحر الأحمر

وعلى جانب آخر استفادت الولايات المُتحدة من الهجمات الحوثية في عسكرة البحر الأحمر، لدرجة أن وكالة "أسوشيتد برس"، كشفت عن أن الولايات المتحدة تخطط لتوسيع تواجدها العسكري على موانئ البحر الأحمر، بزعم مواجهة أكثر فاعلية ضد الحوثيين، وقالت الوكالة إن الجيش الأمريكي يخطط لإقامة قواعد عسكرية جديدة على البحر الأحمر، مع مطارين عسكريين، وهو ما استدعى الصين، لتوسيع تحركاتها العسكرية في البحر الأحمر، من خلال إرسال مدمرة من طراز دي 52، لمُراقبة  حاملة الطائرات الأمريكية "إيزنهاور"،  في خطوة اعتبرت من حيث التوقيت بمثابة اول رد فعلي على محاولة الولايات المتحدة عسكرة اهم ممراتها البحرية في المنطقة.
 

أهداف حوثية أمريكية إيرانية

وأشار مُحللون سياسيون، إلى أن الولايات المُتحدة استفادت من الهجمات البحرية الحوثية في عسكرة البحر الأحمر، واستفادة الحوثي بتخفيف الضغط الشعبي عليها، وتأكيد مزاعمها التي طالما رددتها بأنها تحارب أمريكا وإسرائيل لتفتح جبهات الحرب الداخلية من جديد بداعي أن من تحاربهم هم عملاء لأمريكا وإسرائيل، واستفادة إيران في التأكيد على أنها تسيطر على البحر الأحمر، ولم تستفد غزة من قريب او بعيد.