أخبار وتقارير

ميناء عدن.. أسباب احتضار أحد أكبر الموانئ الطبيعية في العالم (تقرير)


       

تقرير عين عدن - خاص

 
لم يعد ميناء عدن، والذي كان في السابق مركزا هاما للشحن الدولي، لم يعد كسابق عهده، فالميناء الذي يُعد أحد أكبر الموانئ الطبيعية في العالم،  لم يستقبل أي سفن على الإطلاق مؤخرا، حتى أن محطة الحاويات بميناء عدن، استقبلت في 8 أبريل 2023 سفينة حاويات دون تفتيش، وهي المرة الأولى منذ 2015، أي منذ ما يُقارب الثمان سنوات، وهو ما يؤثر على العديد من العاملين في العاصمة المؤقتة عدن.
 

ثاني ميناء في العالم بعد نيويورك لتزويد السفن بالوقود

وميناء عدن، ميناء شهير عبر التاريخ، إذ يقال إن الحركة التجارية بدأت في المدينة الاستراتيجية ومينائها من قبل ثلاثة آلاف عام، ووفقا للموسوعة الحرة ويكيبيديا فإنه خلال الخمسينات من القرن الماضي تم تصنيفه كثاني ميناء في العالم بعد نيويورك لتزويد السفن بالوقود.
 

مشهد يبعث على القلق

وأظهرت تطبيقات تتبع الملاحة ميناء عدن يوم الإثنين ٢٧ نوفمبر 2023 خالياً من أي سفينة، وهو مشهد يبعث على القلق لاسيما حين نتذكر أن عدن تعد العاصمة الاقتصادية للبلاد، وميناءها واحد من أفضل موانئ المياه العميقة الطبيعية في العالم، حيث يصل العمق في المرسيين 1 و2 إلى 16 متراً في المرفق الذي تدعمه منطقة تمتد مساحتها إلى 48 هكتاراً.
 

الأسباب الحقيقية لتراجع النشاط الملاحي لميناء عدن

خُبراء وصحفيون مهتمون بالشؤون الاقتصادية، أشاروا إلى ما قالوا عنه الأسباب الحقيقية لتراجع النشاط الملاحي لميناء عدن، منها مُقاطعة الشركات والخطوط الملاحية الدولية الكبرى لميناء عدن؛ نتيجة التحديات الأمنية المرتبطة بعمل الميناء وفوضى جمارك النقاط الأمنية وصعوبات إخراج الحاويات من الميناء وايصالها إلى جميع المُحافظات.
 

جبايات وتهديدات حوثية

ومن الأسباب أيضًا التي نتج عنها احتضار النشاط الملاحي لميناء عدن، حسب الخُبراء،  التهديدات الحوثية للتجار، فقد مورست عليهم تهديدات حوثية ومُنعت بضائعهم من الدخول إلى مناطق الحوثيين الأكبر سوقًا وقدرات شرائية، بالإضافة لفوضى الجبايات غير القانونية، فالنقاط الأمنية المرتصة من داخل الميناء حتى آخر نقطة في مريس بالضالع، كلها تجعل من التجار وسائقي القاطرات عرضة للابتزاز والجبايات، التي لا يُمكن أن تشجع أي تاجر على الاستيراد عبر ميناء عدن، بل يفضل الهروب نحو الاستيراد عبر موانئ سلطنة عمان، ونقل حاوياته برًا عبر منفذ صرفيت وطريق (المهرة – المكلا – مأرب – صنعاء)، باعتبار ذلك أكثر أمانًا وأقل كلفة.
 

جماعة الحوثي المستفيد الأول

وعلى جانب آخر، قال الصحفي الاقتصادي وفيق صالح، إن جماعة الحوثي هي من تعمل على تعطيل ميناء عدن لأنها المُستفيد الوحيد من توقفه، فعندما يقوم بعض التجار بالاستيراد عبر ميناء عدن، أو ميناء المكلا، ثم يتوجهون نحو مناطق الحوثيين ترفض الجماعة دخول البضائع، أو تقوم بفرض جبايات فائضة ومضاعفة عليهم، ويلجأون -تحت السطو الحوثي- إلى التوجه إلى ميناء الحديدة"، لذا فإن المُستفيد الأكبر من هذا التوقف هي جماعة الحوثي؛ لأن ما كانت تحصل عليه الحكومة من موارد، في الفترة السابقة، أصبح يذهب إلى خصمهم".
 

محاولات الحكومة تدارك الأمر

وحاولت الحكومة تدارك الأمر وأعلنت في أبريل 2023 عن حزمة تسهيلات للمستوردين عبر الموانئ المحررة، وأعلنت عن زوال إجراءات التفتيش التي كانت تعاني منه السفن ونقل التفتيش إلى الموانئ بالشكل الروتيني الذي كان عليه قبل الحرب، ووقعت مع الأمم المتحدة مذكرة تفاهم أولية خاصة بخفض كلفة التأمين البحري على السفن، في محاولة للحفاظ على المركز التجاري للموانئ الواقعة تحت سيطرتها لاسيما عدن، غير أن تلك الإجراءات لم تؤت أكلها، فقد شددت جماعة الحوثي من إجراءاتها ضد التجار الذين يستوردون عبر الموانئ المحررة، ومنعت عبور السلع عبر المنافذ الجمركية التي استحدثتها على طول الخط الفاصل بين مناطق سيطرتها ومناطق الحكومة، ومارست ضغوطا على الغرفة التجارية وصولاً إلى تغيير قيادتها، الأمر الذي أجبر المستوردين على الاستيراد عبر موانئها بشكل حصري.
 

وزير النقل يطلب من نظيره السعودي دعم ميناء عدن

وقبل أقل من أسبوع، وعلى هامش اجتماعات الجمعية العامة للمنظمة البحرية الدولية المنعقدة في المملكة المتحدة بلندن، طلب وزير النقل الدكتور عبدالسلام صالح حُميد، من نظيره وزير النقل السعودي المهندس صالح بن ناصر الجاسر، خلال لقائهما في مقر إقامة الوزير السعودي بالعاصمة البريطانية لندن، تقديم بعض التسهيلات لموانئ المناطق المُحررة وخاصة ميناء عدن لجعله أكثر جذب للسفن التجارية.
 

الجبايات السبب الأبرز

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، تحدث نُشطاء عن أن الجبايات التي تُفرض في ميناء عدن هي السبب الأبرز والأهم في احتضار ميناء عدن وموته الإكلينيكي، حيث أشاروا إلى أن المُستفيدين من هذه الجبايات يضعون مصلحتهم فوق مصلحة الوطن من خلال فرض هذه الجبايات التي تتسبب في توقف السُفن عن المرور عبر الميناء الأبرز والأهم في العالم، نظرًا للتهديدات التي يقابلونها في حالة امتناعهم عن دفع هذه الجبايات، وهو ما يُفاقم من المشاكل الاقتصادية للحكومة والتي تخسر ثاني أهم مواردها بعد خسارتها المورد الأهم المتمثل في تصدير النفط والغاز منذ استهداف الحوثيين موانئ التصدير شرقي البلاد قبل أكثر من عام.