أخبار وتقارير

شباب حي الآثار يعطون درساً للجميع.. حافظوا على أراضي الدولة من الإرهاب والباسطين والنافذين (تقرير)


       

تقرير _ عين عدن - أنور سيول

 

وسط الظلام دائمًا ما يظهر بصيص نور يُعطينا أملاً في مُستقبل باهر لبلادنا ولمواطنينا، وهو ما ظهر جليًا في مواجهة بعض المواطنين لأحد أبرز الآفات التي صاحبت انقلاب الحوثي على الشرعية وعدم الاستقرار السياسي في المناطق المُحررة، وهي آفة السطو على المُمتلكات العامة والخاصة وما يُصاحب ذلك من صراعات، فدائمًا ما يكون للتحركات الاجتماعية والوعي المُجتمعي الدور الأبرز في أوقات عدم الاستقرار داخل الدول.

 

المُحافظة على إحدى المساحات الحكومية

إحدى القصص المُلهمة التي أظهرت معدن الشعب الجنوبي وقدرته على مواجهة الصعاب ومواجهة كُل من تسول له نفسه استغلال الظروف لتحقيق مكاسب شخصية بطرق غير مشروعة، رواها أحد شباب حي الآثار، بمدينة جعار، أحد أهم مُدن أبين، حيث أشار إلى أنه ورفاقه أصبح حلمهم حقيقة، بنجاحهم في المُحافظة على إحدى المساحات الحكومية التي أصبحت عرضة للباسطين على الممتلكات العامة، فبثبات هؤلاء الشباب وصد المعتدين، تحولت هذه المساحة إلى مجمع مدرسي لاطفال وشباب حي الاثار وحمل اسم الدكتور علوي مبلغ.

 

استيلاء مسلحون على مبنى

الشاب عبدالله عقيل احد شباب حي الآثار يقول، إن القصة بدأت منذ عام 2011م عندما سيطرت الجماعات المسلحة على مدينة جعار، وحولت الأماكن العامة الى مقرات ومستودعات لها، مُشيراً إلى أنها كانت حرباً عبثية قامت بها جماعات مسلحة للسيطرة على أبين ومنها مدينة جعار، وكان المبنى في ذلك الوقت تستخدمه هيئة مياه الريف، ثم قامت الجماعات المسلحة بالاستيلاء على المبنى وتحويله لمركز لصناعة العبوات الناسفة والمفخخة.

 

مواجهة الباسطين والمتنفذين

وأشار الشاب عبدالله عقيل، إلى أنه في عام 2012م وعند تحرير محافظة أبين من الجماعات المسلحة تم الاستيلاء على تلك المساحة من المبنى من قبل عناصر اللجان الشعبية في تلك الفترة، مُشيرًا إلى أنه وشباب الحي لاحظوا أن المبنى سيتم استباحته وتحويله إلى أراضي للباسطين والمتنفذين الذين بدأوا بالفعل في السيطرة على بعض المساحات، إلا أنهم تحركوا جميعًا ووقفوا صفًا واحداً ضد مغتصبي الأراضي وتم إخراج المُغتصبين من المبنى، حيث كان المبنى بدون بوابة مفتوح ويسهل الدخول اليه.

 

دعم أبوبكيل للشباب

الشاب عُقيل يستمر في سرده ويتحدث عن أن الشخصية الاجتماعية البارزة في الحي والذي يعتبر الأب الروحي لشباب حي الآثار وهو ناصر اليزيدي المعروف والشهير بـ"أبوبكيل" الذي رحب ووقف الى جانب فكرتنا والحفاظ على المبنى، فقام مشكوراً بشراء البلوك (البردين) والأسمنت من حسابه الشخصي، وتم بناء جدار لمنع دخول المغتصبين وتم الاتفاق في حينها بين أبناء حي الاثار على الحفاظ على المبنى وتحويله الى مدرسة لأبناء الحي.

 

اعتماد الأرض رسميًا مدرسة لأبناء الآثار

شباب حي الآثار لم يتوقفوا عند هذا الحد واستمروا في مساعي تحويل حلمهم المُتمثل في بناء مدرسة على هذه الأرض إلى حقيقة، فسخروا لهذا الحلم كُل طاقاتهم في تحقيقه، فتمت مُتابعة الموضوع من قبل الشيخ عُثمان مبلغ، والاستاذ صالح حسين الجنيدي والشيخ علي حيدرة (رحمه الله)، والدكتور رايد البديلي مع أبناء حي الآثار، وأثمرت تلك الجهود في إقناع السلطة المحلية ومحافظ المحافظة للنزول للموقع واعتماده رسميا مدرسة لآبناء حي الآثار.

 

 

الحلم أصبح حقيقة

 وبعدها تواصل الشباب من قبل مكتب التربية في مدينة خنفر بواسطة الاستاذ محمود علي بن سبعة مع الصندوق الاجتماعي والبرنامج السعودي لإعمار اليمن، وتم نزول فريق هندسي من الصندوق الاجتماعي بقيادة المهندسة نائلة إلى الموقع والموافقة على بناء المدرسة، وخطوات تحقيق الحلم.

 

وضع حجر الأساس

وفي تاريخ 3/11/2022م تم نزول وفد من البرنامج السعودي والصندوق الاجتماعي ومحافظ المحافظة اللواء أبوبكر حسين ومدير عام التربية بالمحافظة الدكتور وضاح المحوري ومدير عام خنفر المحامي مازن بالليل اليوسيفي، وقيادات من المجلس الانتقالي والمقاومة الجنوبية وعدد من الشخصيات الاجتماعية، حيث تم وضع حجر الأساس لبناء المجمع المدرسي التي تم تسميتها بفقيد أبين الدكتور علوي مبلغ (رحمه الله) وتحول الحلم إلى حقيقة.

دور مؤسسة شباب أبين

وفي سبيل انجاح هذا المشروع التربوي، كان للمؤسسة شباب أبين دوراً وسهاماً كبيراً، في متابعة هذا المشروع مع المنظمات المانحة، حيث قدمت الكثير من التسهيلات، وذلك باستضافت أعمال لجنة المتابعة، بفتح قاعات المؤسسة، لعقد لقاءاتها واجتماعاتها، وكذلك لقاءات المنظمات حيث تحملت المؤسسة تكاليف الاجتماعات، وساهمت ايضا في سد البوابة الثانية لسور ساحة المدرسة الذي كان اللصوص يستخدمها للسرقة.

شكر وتقدير

وتقدم شباب الحي المشاركون في تحويل الحلم إلى حقيقة على أرض الواقع وهُم: (عبدالله عقيل - باسم عقيل - فهمي الجفري - أيمن الحامد - سالم السناني - رايد باداكي - حلمي ناصر - عبدالوهاب المصلي)، بالإضافة إلى الحاج خضر الكثيري (رحمة الله عليه) بالشكر والتقدير لكل من ساهم وتعاون معهم في تحقيق حلم أبناء حي الاثار.

 

أهمية تكريم هؤلاء الشباب

وفي النهاية فإننا في عين عدن نُقدر هذا العمل الجبار والعظيم الذي قام به شباب حي الآثار، وهو ما يجعلنا نؤكد أنهم يستحقون لفتة كريمة بتكريمهم من قبل السلطة المحلية في المحافظة وفي المديرية، لانهم حافظوا على هذا المبنى الحكومي لمدة 12 عامًا بدون أي مُقابل وحولوا حلمهم إلى واقع ببناء المدرسة لأبنائهم، كما نتمنى تعميم هذه القصة لتكون حافزاً لكُل ابناء اليمن في عدم الصمت على الاستيلاء على أراضي الدولة وعدم السلبية في مواجهة من يحاول ذلك، متوجهون بالشُكر والامتنان لفخر شباب اليمن في حي الآثار.