أخبار عربية

شعرنا وكأننا نتعرض للقصف.. الناجون من زلزال المغرب يروون تفاصيل قاسية عن الكارثة


       

هيمنت كارثة الزلزال، الذي ضرب إقليم الحوز التابع لمدينة مراكش المغربية، على اهتمام الصحف البريطانية لليوم الثاني على التوالي، ولا تزال تتابع عن قرب عمليات الانقاذ وانتشال الجثث وتقديم المعونات. كما تنقل عن بعض أسر الضحايا شهود العيان ماعاشوه ومايعانوه منذ ليلة الزلزال.

 

البداية من صحيفة الغارديان ومقال كتبه بيتر بومونت من منطقة مولاي إبراهيم - مركز الزلزال – ينقل فيه شهادات من شهدوا الكارثة، إذ قال أحدهم "شعرنا وكأننا نتعرض للقصف".

 

التقى الكاتب بعبد الرحيم إيمني، وكانت يده مغطاة بالضمادات، أمام أنقاض أو ماتبقى من منزله في قرية مولاي إبراهيم. أصيب عبدالرحيم نتيجة سقوط الحجارة خلال الزلزال. لكنه حاضر يوجه عملية التنظيف في الشارع الذي كان يوجد فيه منزله ذات يوم.

 

في ممر ضيق في قرية مولاي إبراهيم، في جبال الأطلس بالمغرب، كانت هناك آثار منزل امتد عبر الممر وسط انجراف من الأنقاض الرملية. لم يكن من الممكن التعرف على المنزل، إذ لم يكن إلى حد كبير كما كان عليه من قبل، باستثناء غرفة منفردة فوق الأنقاض، ولا يزال الطلاء الأزرق لجدرانها مرئيا.

 

كان عبدالرحيم، الذي يعمل كهربائيا ويبلغ من العمر 43 عاما، نائما في الجزء المتبقي من منزله مع ثلاثة أفراد آخرين من أسرته، عندما انهار باقي المبنى من حولهم عندما ضربت سلسلة من الصدمات المدمرة للزلزال القرية بعد الساعة 11 من مساء يوم الجمعة. واعترف بأنه كان محظوظا.

 

يقول عبد الرحيم "شعرت بالمنزل يهتز. لقد غطانا الحطام للحظة ولكن لفترة قصيرة فقط ثم تمكنا من الفرار. وحتى ذلك الحين لم يكن الأمر سهلا. لم تكن هناك كهرباء وكان الهواء مليئا بالغبار. لم نتمكن من الرؤية. كان قلبي ينبض وكأنني أعاني من نوبة قلبية".

 

في قلب هذه القرية الريفية الفقيرة، التي يبلغ عدد سكانها 3000 نسمة، والتي تمتد على منحدر جبلي شديد الانحدار، تهدمت كل المنازل وتقريبا لم يبق أي مبنى سالما. تفككت بعض المنازل، وبقيت آخرى واقفة، لكن الطوابق العليا منها تنحني حاليا بشكل خطير فوق الممرات الضيقة، مما يهدد سقوطها.

 

لكن التأثير الأسوأ للزلزال كان على البشر. يقول سكان مولاي إبراهيم إن 25 شخصا لقوا حتفهم هنا حسب علمهم، من بين أكثر من 2100 شخص قضوا حتى الآن إثر الزلزال.

 

وصف أوميزان الحسين، 56 عاما، الذي كان يقف في مكان قريب، اللحظة التي اهتزت فيها الأرض، قائلا: "استمر الأمر لمدة ست ثوان، شعرنا وكأننا نتعرض للقصف."

 

يقول الكاتب إن القرويين في مولاي إبراهيم يساعدون أنفسهم إلى حد كبير، إذ لم تصل المساعدات إليهم بعد. يحفرون شوارعهم من تحت الأنقاض، بينما يمر أناس يحملون حزما من الأغطية والملابس إلى حيث كانوا ينامون في العراء، وهم يرتجفون خلال الليالي الجبلية الباردة.

 

ويمضي بومونت، بالنسبة لأولئك الذين نجوا من الزلزال ، فإن السؤال الملح الآن هو متى ستصل إليهم المساعدة ذات المغزى وما الذي ستتضمنه هذه المساعدة. وبينما بدأت مخيمات الخيام في الظهور في بعض المواقع المجاورة وعلى طول الطريق الرئيسي الأقرب إلى السهل الساحلي، لم تصل الملاجئ بعد إلى مولاي إبراهيم يوم الأحد.

 

يقول مولاي علي أزواد، الذي كان يجلس مع عائلته على جانب أحد الطرق الرئيسية في القرية. "المساعدة الوحيدة التي تلقيناها حتى الآن هي من أقاربنا المغاربة الذين يعيشون في الخارج والذين أرسلوا أموالاً لشراء الطعام. لكننا بحاجة إلى الملابس والفراش والمأوى لأن الجو بارد هنا في الليل".

 

أما عبد الرحيم فقال "نحن ننتظر أن تقدم لنا الحكومة المساعدة التي نحتاجها وتخبرنا بما سيحدث".

تطبيع! فما المقابل؟

"حزين لأن الكثيرين ماتوا"

مقال في صحيفة التايمز كتبه كريس هاسلام، الذي كان في زيارة سياحية لوادي ويركان في المغرب، يروي فيه كيف أوصلت مكالمة هاتفية خبر تدمير الزلزال لقرية صديقة المرشد السياحي بينما كان يؤدي عمله.

 

يقول الكاتب، عندما بزغ الفجر في مدينة فاس، بعد ساعات من وقوع الزلزال، كان حسين آيت مهند يعلم أن مركز الزلزال يبعد أقل من 30 ميلا من منزله.

 

قال حسين، المرشد السياحي البالغ من العمر 32 عاماً: "أعيش مع أمي وأختي. إنهما بخير، لكن الاتصالات سيئة للغاية لدرجة أنني لا أستطيع معرفة ما حدث للآخرين في قريتي".

 

ويضيف الكاتب، كان على حسين أن يرافق سائحا إلى مراكش، على بعد أكثر من خمس ساعات بالسيارة. ثم كان يأمل في الوصول إلى قريته أنراز في وادي ويركان، في جبال الأطلس الكبير، والتي تبعد حوالي ساعتين. فانضممت إليه في مراكش.

 

ويمضي، اتجهنا جنوبا، وتجاوزنا قوافل المساعدات العسكرية، بينما كان حسين يتلقى المكالمات. وبحلول الساعة التاسعة صباحا، عرف أن جاره محمد، 65 عاما، قُتل مع ابنه الصغير عندما انهار منزلهم.

 

وفي غضون 90 دقيقة، تجاوز عدد القتلى على المستوى الوطني 600 شخص، وكان من بينهم عشرات آخرون من جيران حسين. قال عنهم: "هؤلاء كانوا فقراء. كانوا يعيشون في بيوت بسيطة مبنية من الطين والصخر. وكان العديد منهم عمالا باليومية دون أي ضمان وظيفي. لقد اشتغلوا بأي عمل يمكنهم القيام به، وكان أقصى ما يمكنهم كسبه هو 70 درهما مغربيا (5.60 جنيها إسترلينيا) في اليوم.

 

وبينما كنا نلتف حول الساحل، يضيف الكاتب، تجاوز عدد القتلى 1000 شخص. وكان من بينهم أكثر من عشرة أشخاص من أنراز وما لا يقل عن 20 شخصا من ماريغا في الوادي المجاور. وقال حسين: "ابن أخي يقول إن هناك المزيد من القتلى، لكنه لا يستطيع تأكيد الأسماء أو الأرقام لأن إشارة الهاتف تتعطل باستمرار".

 

وصلنا إلى الساحة المركزية الواسعة لجامع الفنا في مراكش الساعة 4.30 مساءً. ومنها حاول حسين العثور على سيارة أجرة لنقلنا إلى قريته المدمرة. رن هاتفه مرة أخرى: 50 قتيلا في أنراز، ربما أكثر؟.

 

وبينما كنا في طريقنا رأينا مجتمعات بأكملها تخيم على جوانب الطرق، اختفت قراها تحت الأرض البنية. سألت حسين، كيف تشعر؟ قال "أنا سعيد لأن والدتي وأختي على قيد الحياة". "لكنني حزين أيضا لأن الكثيرين ماتوا". وكان من بين القتلى في ماريغا، واحد من أعز أصدقائه مع زوجته وأطفاله.

 

ويركان هو المكان الذي توقفنا فيه، يقول الكاتب. كنا نراها قبل وقت طويل من وصولنا، سحابة من الغبار معلقة في الهواء.

 

ويضيف، في مثل هذا الوقت من الليلة الماضية، كان هناك 30 منزلا متجمعا على هذا المنعطف المشجر الجميل في الطريق. أما الآن فما هو إلا ركام من الأحجار والتراب والخشب والفخار والبلاستيك. لكن على حسين أن يرحل ويعود إلى فاس حيث أمه واخته.