فن

رؤوف ماهر نجم تونسي يصنع طابعا خاصا محافظا على جذوره الفنية


       

عرفت الساحة الفنية في تونس خلال السنوات الأخيرة بروز عدد من الأسماء الفنية التي تمكنت من نحت مسيرة غنائية وموسيقية ناجحة، لعل أبرزها الفنان المتألق رؤوف ماهر الذي صنع طابعا فنيا وموسيقيا خاصا وفرض نفسه كنجم غنائي بين التونسيين.

ويعتبر رؤوف ماهر من أفضل الفنانين الذين نحتوا أسماءهم بحروف من ذهب في الذاكرة الفنية التونسية، حيث تمكن من لفت الأنظار بأدائه المميز وأدواره المؤثرة التي جعلته يتبوأ مكانة خاصة بين جمهوره، فضلا عن حسن اختياراته للمواضيع التي يتغنى بها والتي تحمل في طياتها أبعادا قيمية وإنسانية كبيرة، على غرار الصداقة والعلاقات الأسرية وغيرهما.

والفنان أصيل ولاية (محافظة) مدنين (جنوب شرق)، ولد وترعرع ودرس في مدنين المدينة حيث لا يزال يعيش حتى الآن رغم الشهرة الكبيرة.

وتزوج ماهر في 15 يناير 2020 دون الكشف عن هوية زوجته، وحتى الآن لا تزال هوية زوجته أو أولاده مجهولة، كما أنه يحرص دائما على الفصل بين المسار الفني والمسار العائلي على خلاف بقية الوجوه الفنية.

وقال الفنان إن “بدايتي في الميدان الغنائي بدأت في ولاية مدنين، وشاركت في دور الشباب الوطني للمدارس بالمدينة وتحصلت على الجائزة الأولى في المهرجان الجهوي ثم شاركت في المهرجان الوطني وتحصلت على جائزة.”

وأكد في حديثه لـ”العرب”: “انتقلت فيما بعد إلى العاصمة تونس وشاركت في مهرجان الأغنية التونسية ثم العربية، وانطلقت في الإنتاج منذ ذلك الوقت.”

وعقب سؤاله عن كيفية اختياره مواضيع الأغاني أفاد رؤوف ماهر بأنه “منذ الصغر دائما أسعى لإيصال رسالة يسمعها كل أفراد العائلة من الصغير إلى الكبير، ودائما أحرص على إشراك مختلف الفئات في تصوير الأغاني، وأركز على نقل الصورة الواقعية للعائلة مع نقل عادات أو أكلات وتقاليد للتعريف بها.”

ولفت الفنان التونسي إلى أن “عدد مشاهدات أغانيّ في موقع يوتيوب وصل إلى 170 مليون مشاهدة، وأهمها يتعلق بأغاني عروبية وخطّافة وصنديدة وأش خص.”

ويتمتع النجم التونسي بمسيرة فنية حافلة بالإنجازات، حيث قدم العديد من الأعمال التي نالت إعجاب النقاد والجمهور على غرار:  صنديدة، الخوت، غزيلة، غزة جرح الملايين، كوكتال يدلل، أش خص، إلي يلعب ما ينغرشي، يا بابا، الراس مرفوع، يا غزيل، البيضاء، رمل الوطن، فجعة، بالمال، مريقل، الملكة، خطافة، الحي يروح، طقات الرحى، مسامحك، المتكبر، عروبية، ضايعة، الولادة، الزهو، مولاة القربة، قالو كلوشار، المجروح يدس، عيونك تحاموا فيا، هاوينها، الوطن، يا ليل، وأخيرا أغنية الوالدين.

ولقب رؤوف ماهر بسفير الأغنية التراثية التونسية نظرا لتألقه بالأغاني التونسية التراثية وخاصة المستوحاة من تراث الجنوب التونسي، وقد بدأ مسيرته الفنية سنة 2016 واستطاع في فترة وجيزة كسب شهرة وانتشار كبيرين.

وتجمع الأوساط الفنية التونسية على أن ماهر يتمتع بحضور قوي على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ لديه أكثر من 1.3 مليون متابع على صفحته في فيسبوك إضافة إلى حضور قوي على موقعي تيك توك وإنستغرام ولديه قناة رسمية على يوتيوب يتابعه فيها أكثر من 350 ألف متابع.

وترى تلك الأوساط أنه على الرغم من تحقيق الشهرة في السنوات الأخيرة، فإن رؤوف ماهر يحرص على الحفاظ على خصوصية حياته الشخصية، ويظهر ذلك من خلال أدواره وتعبيره عن القيم والتقاليد التونسية في أعماله الفنية.

وقال بلقاسم عبهول، الشاعر الغنائي والفنان المحترف في الموسيقى الوتريّة، “كنّا ننشط في جمعية ‘صوت الطفل’ في مدينة مدنين (جنوب شرق) ونصطحب معنا رؤوف ماهر بين المعاهد، إلى أن بلغ سنّ الـ17، فقدمت له أغنيتين حققتا نجاحا من بينهما أغنية ‘أش غيّرك’.”

وأضاف رفيق درب الفنان في تصريح لـ”العرب”، “هو فنان خلوق، و97 في المئة من أغانيه من كتاباتي، ثم سافر إلى فرنسا وعاد أواخر العام 2021، فكتبت له أغنيتي ‘عروبية’ و’خطّافة’ وغيرهما، فحقق نجاحا كبيرا واعتلى ركح مهرجان قرطاج الدولي.”

وتابع الأب الروحي للفنان “الكلمة التي يعتمدها في أغانيه قريبة إلى اللهجة الجنوبية أكثر من قربها إلى العربية الفصحى، وسرّ نجاحه كونه يؤمن بالثنائيات، فضلا عن كونه يتميز بعدة أبعاد إنسانية، وهو فنّان بأتم معنى الكلمة،” مضيفا “مازلنا نواصل عملنا سويّا ولدينا أربع سهرات في دول الخليج العربي، ونأمل في الذهاب إلى العالمية، باعتبار أن أغانيه انتشرت كثيرا.”

وبفضل أغانيه المستلهمة من التراث التونسي وخاصة الجنوب الشرقي، صور رؤوف ماهر أكثر من 30 فيديو كليب، وحصدت أغانيه أكثر من 170 مليون مشاهدة على قناته الرسمية في يوتيوب.

ويعتبر ماهر شخصية محبوبة في الشارع التونسي، فهو إلى جانب كونه أحد أشهر الفنانين يتميز بأخلاق عالية ساهمت في اتساع وسرعة انتشاره، ويطلق عليه معظم التونسيين “محبوب التوانسة.”

وقال الشاعر والملحن التونسي لزهر شعير، في تصريح لـ”العرب”، “كتبت لرؤوف ماهر ثلاث أغان، وأعتبر ‘الخوت’ أغنية الحظ بالنسبة إليه، وكذلك أغنية ‘بالمال تشري كل غالي سومه’ و’قداش المجروح يدسّ’ التي هي من كلمات الشاعر الصحبي شعير وألحاني،” مشيرا إلى أنه “فنان يغني بإحساس جميل وتلقائي، كما أنه يعتزّ بتراثه وجذوره، ونجح في الوصول إلى قلوب الناس.”

وأكد لـ”العرب” أنه “شخص ذكيّ في اختيار مواضيعه مع التسويق الإعلامي والاتصالي الجيد لها.”

ونال رؤوف ماهر جائزة أحسن فنان في تونس لسنة 2022، وأحسن فنان في تونس لسنة 2023، إلى جانب جائزة أحسن حفل ضمن فعاليات الدورة الـ59 من مهرجان قرطاج الدولي، وله أكثر من 121 مليون مشاهدة على يوتيوب.