إقتصاد وتكنولوجيا

آفاق أردنية واعدة لتدفق المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة


       

 يعتبر الكثير من الخبراء أن سعي المسؤولين الأردنيين إلى التركيز على جذب الاستثمارات الخارجية من خلال الترويج لمناخ الأعمال بهدف تحفيز النمو الاقتصادي، قد يأتي بنتائج ملموسة إذا قامت السلطات فعليا بإصلاحات حقيقية واستمرت بالتغير.

ويعكس ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة إلى السوق المحلية بنسبة 3.7 في المئة خلال الربع الثالث من العام الماضي مقارنة بالفترة نفسها من 2023، انسجام نهج الحكومة الاقتصادي مع رؤية التحديث وسعيها لتنفيذها.

ويقول معنيون بالشأن الاقتصادي في الأردن، وهو من أكثر الدول العربية اعتمادا على المساعدات الخارجية لقلة إمكانياته، إن استكمال برنامج الإصلاح كما هو مخطط سيسهم في تحقيق نمو الناتج المحلي وتحسين مستوى معيشة المواطنين وتحقيق الاستدامة.

واتخذت الحكومة الحالية برئاسة جعفر حسان منذ تشكيلها في سبتمبر الماضي، العديد من الإجراءات والقرارات الاقتصادية التي من شأنها تعزيز وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي من خلال تحسين بيئة الأعمال والتشريعات.

كما سعت إلى تخفيف الإجراءات البيروقراطية المتعلقة بالاستثمار وتطوير البنية التحتية الداعمة، إضافة إلى الشفافية في الإنجاز لضمان نجاح الرؤية، والوصول إلى تحقيق النمو الشامل المستدام.

ويضم محرك الاستثمار في رؤية التحديث 15 مبادرة تهدف إلى استقطاب رؤوس أموال أجنبية ومحلية، وتحسين بيئة ممارسة الأعمال، وتطوير السياسات لتسريع عملية الاستفادة منها، والسعي للوصول إلى بيئة استثمارية تضاهي أفضل الممارسات في العالم.

وكان حسان قد شهد الاثنين الماضي، توقيع وثيقة اتفاقية الشراكة بين شركة البوتاس العربية وشركة ألبامارل الأميركية، لتنفيذ استثمار مشترك بقيمة 813 مليون دولار، يبدأ تنفيذه على مدى 5 أعوام ويوفر 650 فرصة عمل دائمة ومئات الفرص أثناء تنفيذه.

وأظهرت البيانات الأولية لميزان المدفوعات الصادرة عن البنك المركزي، ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال الربع الثالث للعام 2024، لتصل لنحو 458 مليون دولار.

وأشارت البيانات إلى استقرار هذه التدفقات كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي عند مستوى 3.2 في المئة، ما يعكس استمرار جاذبية الاقتصاد الأردني للاستثمارات الأجنبية، رغم حالة عدم الاستقرار في المنطقة.

وبلغت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر 1.3 مليار دولار أو 3.3 في المئة من الناتج المحلي خلال الثلاثة أرباع الأولى من 2024، مقابل 1.6 مليار دولار بمقارنة سنوية، ورغم ذلك الانخفاض، تجاوز حجم التدفقات ما تم تسجيله خلال عامي 2021 و2022 كاملين.

واستحوذت الدول العربية على 49.1 في المئة من إجمالي التدفقات، وفي مقدمتها دول الخليج التي ساهمت بنحو 31.7 في المئة من إجمالي الاستثمارات، في حين شكلت دول الاتحاد الأوروبي ما نسبته 11.5 في المئة.

وعلى صعيد توزيع الاستثمار الأجنبي المباشر حسب النشاط الاقتصادي خلال الأشهر التسعة الأولى من 2024، استحوذ نشاط المالية والتأمين على ما نسبته 15.7 في المئة، تلاه نشاط الصناعات التحويلية بنسبة 7.7 في المئة.

واستحوذ قطاع التكنولوجيا والاتصالات على 7.5 في المئة، فالتعدين 7.3 في المئة من الاستثمارات، يليه النقل والتخزين بواقع 7 في المئة، وأخيرا قطاع تجارة الجملة والتجزئة الذي شكل 6.1 في المئة.

واعتبر الرئيس الأسبق لغرفة صناعة عمّان زياد الحمصي أن الشفافية التي تنتهجها الحكومة من شأنها جذب المزيد من الاستثمارات، مشيرا إلى أن الحكومة تمتلك الأدوات اللازمة لتحقيق هذا الهدف من خلال رؤية التحديث الاقتصادي.

ونسبت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية إلى الحمصي قوله إن “نهج الشفافية عنصر أساسي لضمان نجاح رؤية التحديث الاقتصادي.” مشيراً إلى أن العمل ببرنامج تنفيذي مفصل يتضمن مؤشرات أداء حقيقية وجداول زمنية محددة سيسهم بشكل فعال في تحقيق الأهداف.

وأكد أن متابعة التنفيذ من قبل طرف مستقل يعزز الثقة ويضمن النزاهة، ما يسهم في تحقيق النتائج المتوقعة وفق الخطط الموضوعة.

وشدد على أن الشفافية والمساءلة تسهم في خلق بيئة عمل تدعم الثقة المتبادلة بين الحكومة والمواطنين، مشدداً على ضرورة استمرار العمل الجماعي والتعاون الفعال بين جميع الأطراف لتحقيق الرؤية المستقبلية للاقتصاد الأردني.

وتبدو الحكومة مطالبة بتحديد الأولويات التي تجب معالجتها، سواء ما يتعلق بالبيئة التشريعية أو البنية التحتية أو تدريب العمالة أو توفير التمويل، وتوجيه تلك المعايير بحيث تكون مرجعية واضحة لكل إجراء، تحدد الإطار الزمني والكلفة المتوقعة.

ويرى رئيس جمعية المستثمرين الأردنية عاصم سمارة أن استحواذ الدول العربية على 49.1 في المئة من إجمالي التدفقات وفي مقدمتها دول الخليج، يشكل حافزا على الاستمرار في نهجها الداعي إلى عرض المزيد من الحوافز داخل المناطق الصناعية والتنموية.

وقال إن “رؤية التحديث ركزت على أن تكون المدن الصناعية والتنموية ركيزة أساسية من ركائز النمو الاقتصادي،” مشيرا إلى تبني الرؤية لمكامن قوة الأردن ومزاياها، بالإضافة إلى تضمينها توحيد الجهود لتعزيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل.

ويعتقد المسؤولون في جمعية مستثمري شرق عمان الصناعية أن رؤية التحديث الاقتصادي استهدفت بوضوح استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، لما لذلك من أهمية في دعم الاقتصاد.

وقال رئيس الجمعية إياد أبوحلتم إن “60 في المئة من الاستثمار الأجنبي يتدفق للأردن نحو القطاع الصناعي،” مشيراً إلى ضرورة وضع خطة لتسريع استقطاب الاستثمارات، بمشاركة القطاعين العام والخاص.

ولفت إلى ضرورة استغلال الموقع الإستراتيجي للبلاد، وارتباطها باتفاقيات تجارة حرة واتفاقيات متعددة تمكن منتجاته من الدخول للأسواق التصديرية دون معيقات، ووجود رأس مال بشري وقانون جديد للاستثمار، الذي يعول عليه في تسهيل كل الإجراءات.

ودعا أبوحلتم إلى الترويج للميزة النسبية للاستثمار في كل محافظة، من حيث طبيعة الموارد والصناعات والكفاءات وغيرها، بهدف تحقيق تكاملات رأسية في الصناعات التعدينية على سبيل المثال.

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد الأردني هذا العام بواقع 2.5 في المئة ارتفاعا من 2.3 في المئة متوقعة للعام الماضي، وهي أقل من ترجيحات سابقة عند ثلاثة في المئة خلال 2025 و2.6 خلال عام 2024.