أخبار عربية

نمو صناعة الأغذية السعودية يقوض صادرات مصر


       
 تتبع السعودية خطة تعتمد على إطلاق مجموعة متنوعة من المبادرات الحكومية والخاصة نحو توطين صناعة الأغذية، بهدف تحسين الإنتاجية والجودة وتعزيز الإنتاج المحلي وخفض الاستيراد، ما يقوض صادرات مصر كون البلد الخليجي أكبر نافذة مستوردة لها.
 
وتستهدف الرياض جذب مشاريع استثمارية بدأت العمل عليها حاليا بقيمة 20 مليار دولار في القطاع بحلول 2035، فضلا عن زيادة قيمة صادراتها من المنتجات الغذائية إلى 10.9 مليار دولار.
 
وتراهن على القطاع كي توفر الغذاء وفرص العمل، وتلبية الطلب المحلي، وزيادة الصادرات للأسواق الإقليمية والعالمية، وذلك في صميم رؤية 2030 التي توليه اهتماما كبيرا بتوفير البيئة الاستثمارية المناسبة بهدف توطين 85 في المئة من الصناعات الغذائية.
 
ويكمن التأثير السلبي على السوق المصرية في أن السعودية تتصدر باستمرار قائمة أبرز وجهات تصدير الصناعات الغذائية المصرية.
 
ويأتي ذلك رغم تراجعها العام الماضي إلى المرتبة الثانية بإجمالي 400 مليون دولار، لكن قيم الصادرات نمت بنسبة 8 في المئة مقارنة بنتائج العام 2022، وفق بيانات اطلعت عليها “العرب” للمجلس التصديري للصناعات الغذائية المصري.
 
وعادت الصادرات المصرية إلى السعودية لتحتل المرتبة الأولى مرة أخرى خلال النصف الأول من 2024 بإجمالي 166 مليون دولار، ونمو 11 في المئة.
 
وقال رئيس المجلس هاني برزي إن “السعودية تتصدر دائما المركز الأول بتلقي منتجات القطاع، لكنها بدأت حاليا تتوسع في الاستثمار المحلي في إطار خطة التوطين بالأغذية المصنعة”.
 
وأضاف لـ”العرب” أن “الخطة السعودية سيترتب عليها أن تراجع وارداتها من مصر بشكل تدريجي في السنوات المقبلة، ولذلك يسعى المجلس إلى التخفيف من آثار ذلك بدراسة البحث عن أسواق بديلة خلال الفترة الراهنة”.
 
وأوضح أن عدد الشركات المصرية التي تقوم بتصدير الأغذية المصنعة إلى السوق السعودية وصل إلى 426 شركة، من بينها 66 شركة تزيد صادراتها عن مليون دولار، ونحو 179 شركة تفوق صادراتها 100 ألف دولار.
 
وخطت السعودية خطوات عملية لتعزيز النهوض بالقطاع بإنشاء مصانع وشركات يتنوع نشاطها ما بين إنتاج الألبان والعصائر والفواكة والتمور والزيوت النباتية، ولا تزال تشهد توسعا في أنشطة الصناعات الغذائية، وتعتزم حماية المنتجات المحلية من مثيلاتها المستوردة.
 
وارتفع ترتيب البلد الخليجي في مؤشر الأمن الغذائي الدولي بآخر إحصائياته الصادرة في 2023، ليحتل المركز الـ41 عالميا بواقع 69.9 نقطة، بينما تحل في المركز السادس عربيا.
 
وتوقع محللون أن تواجه السعودية بعض العراقيل للتحول إلى مركز مهم لصناعة الأغذية، لكنهم يرون أنها تتميز في بعض فروع القطاع مثل التمور ومنتجات الألبان والمأكولات البحرية واللحوم، وهي من ضمن أهداف إستراتيجيتها لصناعة الأغذية.
 
ومن أبرز المعوقات، تحديات تغير المناخ وندرة موارد المياه وارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل، ولكن السلطات السعودية تراهن على استخدام أعلى وسائل التكنولوجيا الحديثة بالقطاع للتغلب على العراقيل التي تعترضها.
 
مليون دولار الصادرات المصرية في النصف الأول من 2024 بنمو 11 في المئة بمقارنة سنوية
 
وتشير التوقعات إلى أن سوق الصناعات الغذائية في السعودية ستشهد نموا كبيرا لتبلغ 57 مليار دولار بحلول 2030، بالمقارنة مع 41 مليار دولار في 2019.
 
ويغذي ذلك النمو، زيادة إنفاق المستهلكين على المأكولات والمشروبات بنسبة 1.4 في المئة، والنمو السكاني بنسبة 1.73 في المئة.
 
وقال إبراهيم بشاري عضو غرفة الإسماعيلية التجارية إن “صادرات مصر لن تتأثر بالخطة السعودية”، موضحا أن البلد الخليجي يشهد نموا في صناعة التمور فقط، وأن الصناعات الغذائية في حاجة إلى محاصيل زراعية في منتجات عدة وهو غير متاح له.
 
وأشار بشاري، رئيس شركة البشاري للصناعات الغذائية، لـ”العرب” إلى أن ثمة أسواقا بديلة أخرى واعدة بخلاف السعودية مثل الإمارات والكويت والعراق والمغرب.
 
كما ذكر أن هناك العديد من الأسواق الأوروبية مثل روسيا وإسبانيا بجانب أسواق آسيا وعلى رأسها الصين وتايلاند، وهي أسواق واعدة تعوض أي تراجع عن السوق السعودية.
 
ووفق بيانات المجلس التصديري للصناعات الغذائية المصري تشهد صادرات القطاع نموا واضحا في أسواق عدة خلال الأونة الأخيرة.
 
وفي أول 6 أشهر من 2024، سجلت الصادرات إلى أسواق مثل المغرب نموا قدره 153 في المئة بإجمالي 114 مليون دولار، وإسبانيا 109 في المئة بإجمالي 122 مليون دولار، وهولندا 105 في المئة بإجمالي 150 مليون دولار.
 
وكشفت بيانات وزارة الصناعة السعودية عن أن حجم الاستثمار بصناعة المنتجات الغذائية في البلاد يتعدى 29.3 مليار دولار، تمثل 7.6 في المئة من إجمالي حجم الاستثمارات في القطاع الصناعي لديها.
 
وتسعى الرياض إلى توطين ذلك القطاع في إطار خطتها الرامية إلى تنويع اقتصادها، وذلك بالاستثمار في الصناعات غير النفطية ولأجل تحقيق نمو مستدام في قطاع الصناعات الغذائية ومن ثم زيادة العوائد.
 
ولا يزال أكبر اقتصاد عربي سوقا بكرا في ذلك القطاع، لذلك لديه فرص استثمار عديدة، بدءا من البنية التحتية للصناعات الغذائية وذلك بتوفير الخدمات اللوجستية والنقل والتوزيع والتخزين والتبريد.
 
وهذه عوامل أساسية في خطة عمل القطاع، ولذلك لدى السعودية فرصة كبيرة لجذب الاستثمارات الأجنبية خاصة مع التيسيرات الكبيرة التي تمنحها للمستثمرين وكذلك لعدم وجود البيروقراطية التي تعرقل الاستثمارات.
 
وحسب تصريحات وزير الصناعة بندر الخريف، فإن بلاده لديها خطة للتوسع في مشروعات بقطاعات الدواجن والألبان ومشتقاته من أجبان وغيرها، وقطاع المخبوزات والحلويات، وقطاع المشروبات والعصائر.
 
كما تبذل الحكومة المصرية جهودا لتنمية القطاع بالرهان على المحاصيل الزراعية وهي من المدخلات الأساسية للتصنيع وتمثل بدورها أكبر مجال فرعي للصناعات الغذائية تليها منتجات الألبان والأغذية الجاهزة والمطاحن والزيوت والدهون والمياه الطبيعية وغيرها.
 
ويرى محللون أن ذلك يتضح عبر مواصلة السلطات في البلاد الاستثمار فى مشاريع استصلاح الأراضي من أجل زيادة مساحة الرقعة الزراعية.
 
ويترافق ذلك مع ما يقوم به مصنعو الأغذية المتطورون في مصر بأعمال إنتاج وتعبئة عالية الجودة وبأسعار تنافسية وجذابة للأسواق العالمية لتوسيع رقعة الصادرات.