أخبار وتقارير

تفاصيل كلمة الرئيس العليمي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك


       

جدد فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي التأكيد على ان السلام المستدام في اليمن يجب ان يتأسس على المرجعيات الثلاث المتفق عليها وطنيا واقليميا ودوليا، وان يضمن الاحتكام للشرعية الدولية، والسلم والامن الدوليين، كما جاء في المبادرة السعودية.

 

وحذر رئيس مجلس القيادة الرئاسي في كلمة امام الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك اليوم الخميس، من أي تراخ من جانب المجتمع الدولي او تفريط بالمركز القانوني للدولة، او حتى التعامل مع الجماعة كسلطة امر واقع، قائلا بان ذلك "سيجعل من ممارسة القمع، وانتهاك الحريات العامة، سلوكا يتعذر التخلص منه بأي حال من الأحوال".

 

واشار فخامة الرئيس الى انه مع استئناف الجهود الحميدة للأشقاء في المملكة العربية السعودية، وسلطنة عمان، تتجدد الآمال في رضوخ الجماعة الحوثية للإرادة الشعبية والاقليمية والدولية، والاعتراف على ان الدولة الضامنة للحقوق والحريات، وسيادة انفاذ القانون على اساس العدالة والمواطنة المتساوية هي وحدها من "ستجعل بلدنا أكثر امنا واستقرارا، واحتراما في محيطه الاقليمي والدولي".

 

واكد ان "هذا هو منطق الحكومة الشرعية، ومنتهى الهدف من اي جهود للسلام المستدام الذي يجب ان يعني الشراكة الواسعة دون تمييز او اقصاء، والتأسيس لمستقبل أكثر اشراقا".

 

وجدد فخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي الدعوة الى موقف دولي حازم ازاء الملف اليمني، قائلا انه" كلما تباطأ المجتمع الدولي عاما اخر عن تقديم موقف حازم، كلما كانت الخسائر أكثر فداحة، والجماعات الإرهابية أكثر خطرا في تهديداتها العابرة للحدود، فضلا عن انتهاكاتها الفظيعة لحقوق الانسان التي توحدت حولها اممنا تحت مظلة هذه المؤسسة على مدى أكثر من سبعين عاما".

 

وعبر عن استغرابه من تجاهل المجتمع الدولي لانتهاكات الجماعة الحوثية الجسيمة لحقوق الانسان بما في ذلك القيود على سفر وعمل، وتعليم المرأة، وقمع الصحفيين واختطافهم، وسحق المناوئين لفكرها المتطرف.

 

وعرض الرئيس العليمي في كلمته لصورة المشهد الراهن، ونقاط التقدم والاخفاق في بلدنا المنكوب بحرب الجماعة الحوثية المدعومة من النظام الايراني، لافتا الى ما بذلته الحكومة اليمنية على مدى الاشهر الماضية بدعم من الاشقاء والاصدقاء من جهود للوفاء بالتزاماتها الحتمية، رغم التداعيات الكارثية لهجمات الجماعة الحوثية على المنشآت النفطية واخراجها عن التصدير منذ عام كامل.

 

واشار في المقابل الى انه لا تزال هناك الكثير من الاستحقاقات الثقيلة التي تفوق قدرات الحكومة اليمنية، مع هيمنة اقتصاد الحرب الذي تغذيه المليشيات، وتدفق عشرات الاف المهاجرين غير الشرعيين، واثار المتغيرات المناخية التي تترك وراءها سنويا مئات الضحايا، واراض زراعية مدمرة.

 

ونوه في هذا السياق بالدعم السخي الذي تلقته الحكومة من الاشقاء في المملكة العربية السعودية عبر منحة مالية قيمتها مليار ومائتا مليون دولار دعما للموازنة العامة للدولة، وكذا بالتمويلات والتعهدات الانسانية والانمائية، من الاشقاء في دولة الامارات العربية المتحدة، والاصدقاء في الولايات المتحدة الاميركية، ودول الاتحاد الاوروبي، والمملكة المتحدة، وباقي الشركاء الاقليميين والدوليين.

 

ورحب بتوجه الامم المتحدة نحو الانتقال بمسار التدخلات الاغاثية الى نطاق تنموي، غير انه شدد على ان هذا التحول يجب ان يشمل ضخ التعهدات والتمويلات الدولية عبر الجهاز المصرفي اليمني المعترف به، لتعزيز موقف العملة الوطنية، وكبح جماح التضخم، وضمان عدم وقوع تلك التمويلات في شبهة الدعم غير المباشر للجماعات المسلحة.

 

وفيما يلي نص كلمة فخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي:

معالي السيد دينيس فرانسيس رئيس الجمعية العامة

ad

 

معالي السيد أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة

أصحاب الجلالة، والفخامة، والسمو والمعالي

السيدات والسادة،،،

بداية أود أن أهنئ السيد دينيس فرانسيس على انتخابه رئيسا للجمعية العامة للأمم المتحدة للدورة الثامنة والسبعين متمنيا له التوفيق والنجاح في مهامه الكبيرة ومثمنا الدور الذي قام به سلفه السيد تشابا كوروسي من جهود في قيادة الجمعية خلال الدورة الماضية.

 

كما اشيد بدور الامين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش، في تعزيز حضور المنظمة الاممية وسط كل هذه التحديات والأزمات العالمية المتشابكة، ورؤيته بشأن مستقبل التعاون الدولي المبني على تعددية الأطراف وتكاملها لحفظ الامن والسلم الدوليين، وانماء العلاقات الودية بين الامم.

 

إسمحوا لي ايضا أن اغتنم هذه المناسبة لأتقدم بخالص التهاني الى ابناء شعبنا اليمني العظيم الذين يحتفلون بالتزامن مع انعقاد هذا الاجتماع الرفيع بأعيادهم الوطنية التي أخرجت اليمن من نير الاستبداد والجهل والتخلف الى رحاب الحرية والعدالة وازالة الفوارق والتمييز بين الطبقات.

 

ولعله من سوء تقدير الجماعة ان غامرت بانقلابها المشؤوم على التوافق الوطني في مثل هذا اليوم من الشهر الذي يشعل فيه اليمنيون الأرض والفضاء احتفاء بميلاد جمهوريتهم، وسقوط الحكم الامامي الكهنوتي المتخلف.

 

السيد الرئيس،،

السيدات والسادة،،

تنعقد هذه الدورة الجديدة للجمعية العامة للأمم المتحدة في ظل ظروف وتحديات جيوسياسية واقتصادية ومناخية بالغة التعقيد، الأمر الذي يتطلب منا جميعا حلولا مبتكرة، وتغيير آلياتنا التقليدية في مقاربة هذه التحديات، وفي المقدمة انهاء معاناة شعبنا اليمني التي طال امدها.

 

ولعل شعار هذه الدورة صمم بعناية ليتبنى مطالب شعوبنا، وحكوماتنا، في اعادة بناء الثقة بمؤسساتنا الوطنية والدولية، واشعال التضامن العالمي دعما لأهداف التنمية المستدامة نحو السلام والازدهار والتقدم للجميع.

وهو ما يلزمنا، واخواني اعضاء مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، والشعب اليمني، الاشادة بالتضامن، والموقف الموحد للمجتمع الدولي الداعم للشرعية الدستورية، وسيادة اليمن واستقلاله، ووحدة اراضيه، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية.

 

واذ نثمن هذا الموقف السياسي الموحد للمجتمع الدولي تجاه القضية اليمنية، فإننا نستحضر ما يمكن ان يجسد شعار هذه الدورة من تضامن الاشقاء في تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، التي مثلت مواقفهم سياجا قويا لمنع انهيار مؤسسات الدولة اليمنية، وتعزيز صمودها في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من نظام ولاية الفقيه في ايران، والتنظيمات الإرهابية المتخادمة معها.

 

السيد الرئيس،،

السيدات والسادة،،

بما أنني أخاطبكم اليوم في هذه القاعة للمرة الثانية كرئيس لمجلس القيادة الرئاسي في الجمهورية اليمنية، اسمحوا لي ان اضعكم في صورة المشهد الراهن، ونقاط التقدم والاخفاق في بلدي المنكوب بحرب الجماعة الحوثية المدعومة من النظام الايراني.

 

فعلى مدى الأشهر الماضية استمرت الحكومة اليمنية بدعم من الاشقاء والاصدقاء في الوفاء بالتزاماتها الحتمية بما في ذلك الانتظام بدفع رواتب الموظفين، وانقاذ ملايين الارواح، ومساعدة العالقين في بعض مناطق النزاعات المسلحة، والكوارث الداخلية والخارجية في مهمة وطنية واخلاقية خالصة ليست من اهتمام المليشيات.

 

ومن وسط أسوأ أزمة إنسانية في العالم، قمنا بتنسيق استجابتنا الكاملة من طرف واحد لتخفيف المعاناة، والتزام بنود الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة، بدءا بتسهيل وصول سفن الوقود الى الموانئ الخاضعة بالقوة لسيطرة المليشيات، واستئناف الرحلات الجوية عبر مطار صنعاء الدولي وتوسيعها الى وجهات جديدة.

 

كما حافظنا على استقرار نسبي للعملة الوطنية، وأسعار السلع الأساسية، رغم التداعيات الكارثية لهجمات الجماعة الحوثية على المنشآت النفطية وإخراجها عن التصدير منذ عام كامل.

 

وعلى الرغم من تذبذب أسعار الصرف في المحافظات المحررة، تظل الحقيقة أن تقييم أسعار السلع الأساسية بالعملات الأجنبية أفضل بكثير من مناطق سيطرة الجماعة التي تتحصل على ثلاثة أضعاف موارد الحكومة الشرعية.

 

وقد منحنا الفئات الاجتماعية الرئيسة كالنساء تمثيلا أكبر، عندما قمنا بتعيين أول امرأة في مجلس القضاء الأعلى، ثم ثمان أخريات في المحكمة العليا للمرة الأولى بتاريخ البلاد.

 

كما ساعدنا بفعالية مقدرة من المجتمع الدولي في تفادي أخطر كارثة بيئية في العالم من خلال التسهيل دون قيد او شرط لنقل مخزون النفط من الناقلة صافر، الى اخرى بديلة، ومساهمة الحكومة بخمسة ملايين دولار في تكلفة السفينة الجديدة رغم مواردها المحدودة، وسنستمر في دعم هذه الجهود الى حين بيع شحنة الوقود وانهاء الخطر كليا.

 

إن الالتزام بمسؤولياتنا الدستورية والأخلاقية، ومبادراتنا وتدخلاتنا الخدمية، ساعدت في أطعام الملايين، وتسهيل وصول اللقاحات والأدوية المنقذة للحياة، وفي تزويد المجتمعات المحلية بالأمن، والترويج لخطاب التنمية بدلا عن شعارات الكراهية، والحرب والخراب.

 

لكن في المقابل لا تزال هناك الكثير من الاستحقاقات الثقيلة التي تفوق قدرات الحكومة اليمنية، مع هيمنة اقتصاد الحرب الذي تغذيه المليشيات، وتدفق عشرات الالاف من المهاجرين غير الشرعيين، واثار المتغيرات المناخية التي تترك وراءها سنويا مئات الضحايا، واراض زراعية مدمرة، ما يتطلب من المجتمع الدولي المساعدة، ومشاركتنا في تحمل أعباء هذه التحديات.

 

السيد الرئيس،،

 

في العام الماضي شهد بلدي تحولا تاريخيا تم بموجبه اعادة ترتيب مؤسسات الشرعية اليمنية، وتشكيل مجلس رئاسي، وذلك على قاعدة تعزيز الشراكة وبناء السلام، وانهاء الحرب.

 

ولكن رغم هذا التحول الوطني الهام، والزخم الاقليمي والدولي لإحياء العملية السياسية، فان ملف السلام ظل يراوح مكانه، رغم ما قدمته الحكومة اليمنية من تنازلات ومبادرات دعما لهذا المسار.

 

ومع استئناف الجهود الحميدة للأشقاء في المملكة العربية السعودية، وسلطنة عمان، تتجدد الآمال في رضوخ الجماعة الحوثية للإرادة الشعبية والاقليمية والدولية، والاعتراف بحقيقة ان الدولة الضامنة للحقوق والحريات، وسيادة انفاذ القانون على اساس العدالة والمواطنة المتساوية هي وحدها من ستجعل بلدنا أكثر امنا واستقرارا، واحتراما في محيطه الاقليمي والدولي.

 

وهذا هو منطق الحكومة الشرعية، ومنتهى الهدف من اي جهود للسلام المستدام الذي يجب ان يعني الشراكة الواسعة دون تمييز او اقصاء، والتأسيس لمستقبل أكثر اشراقا.

 

واليوم لا اعتقد انه لا يزال لدينا في الحكومة المزيد من التنازلات التي نقدمها، او ان نغير من فهمنا لمليشيات نعرفها جيدا ويمكننا التنبؤ بنواياها لعقود مقبلة.

 

وإذا فعلنا ذلك فإن هذا النهج سوف يعيد شعبنا الى عصور العبودية، والاحباط والنسيان، بل من المرجح ان يتحول بلدنا الى بؤرة لتصدير الارهاب، وفتيل لنزاع اقليمي ودولي لا سبيل لاحتوائه بالسبل الدبلوماسية.

 

وبالتالي فإن أي تراخ من جانب المجتمع الدولي او التفريط بالمركز القانوني للدولة، او حتى التعامل مع المليشيات كسلطة امر واقع، من شأنه ان يجعل من ممارسة القمع، وانتهاك الحريات العامة، سلوك يتعذر التخلص منه بأي حال من الأحوال.

 

ومن واقع فهمنا لنهج الجماعة الحوثية، فإن عروض السلام بالنسبة لها ليست سوى بالونات اختبار، ينبغي التعامل معها من منظور تكتيكي للسيطرة على المزيد من الموارد، وتأجيل قرار المواجهة العسكرية الى ان تتحقق ظروف أفضل، وهو ما حدث في تنصلها عن كافة الاتفاقات السابقة، واخرها اتفاق ستوكهولم.

 

لذلك فنحن نؤكد ضرورة توفر الضمانات الكافية للسلام المستدام الذي يجب ان يتأسس على المرجعيات الثلاث المتفق عليها وطنيا واقليميا ودوليا، والاحتكام للشرعية الدولية، كما جاء في المبادرة السعودية.

 

وإضافة الى ذلك فإن السلام المستدام يجب ان يقوم على العدالة، والانصاف، ومعالجة آثار الماضي، والقضايا الرئيسية العالقة ذات البعد الوطني.

 

كما ان اي مبادرة سلام، او إجراءات لبناء الثقة ينبغي ان تكون قادرة على تحقيق نتائج ملموسة وفورية لتخفيف معاناة الشعب اليمني، وان يستفيد منها ضحايا الصراع، وفي المقدمة النساء والأطفال.

 

وفوق ذلك فإن استدامة السلام، وعدم تكرار جولات الحرب، هو جوهر السلام المنشود الذي يضمن لليمنيين قدرتهم على بناء دولة المؤسسات التي تحمي الحقوق والحريات، والمساواة بين مواطنيها، وتؤسس لعلاقات حسن الجوار والمصالح المشتركة مع أشقائنا في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

 

ولكنني اليوم أرى ان هناك طريقا متاحا وأكثر ضمانا لتحقيق السلام، وتجسيد شعار هذه الدورة من خلال استعادة ثقة اليمنيين بالشرعية الدولية، وحكومتهم المحلية.

 

وهذا الأمر يتطلب دعم الحكومة الشرعية، وتعزيز قدرتها في بناء الاقتصاد، وتقديم الخدمات، وهو الطريق الذي يعفينا جميعا عن التعاطي مع ابتزاز المليشيات، وتعطيل انفاذ القرارات الدولية، واحياء الأمل بالغد الأفضل والمشرق الذي يتحدث عنه مبعوثوا ووسطاء الامم المتحدة في كل مكان.

 

وفي اعتقادي ايضا ان مهمة نظامنا الدولي لحماية الاستقرار والسلام العالمي، ودعم إرادة الشعوب وحكوماتها الوطنية المعترف بها، هو اليوم أسهل من اي وقت مضى مع سهولة الحصول على المعلومات، ومعرفة الحقائق، غير ان اعطاء المصالح وزنا أعظم من ارادة الشعوب قد يفرط بمزيد من الثقة في هذه المؤسسة والمجتمع الدولي برمته.

 

وأقول هذا ليس للتنصل من مسؤولياتنا الوطنية، وجعل المجتمع الدولي شماعة لإخفاقاتنا، بل لأننا نعتقد ان موقف القوى الكبرى تحديدا ورسالتها الصارمة للجماعة، ومهندسي الانقلابات على الشرعيات الدستورية ليس في اليمن فقط وانما في كافة انحاء العالم، سيجعل طريق السلام أكثر وضوحا بتبديد أحلام الجماعات المسلحة، والطامحين للسلطة، واوهامهم بإنشاء كيانات تنازع الحكومات الشرعية سلطاتها الحصرية.

 

السيد الرئيس

السيد الأمين العام

السيدات والسادة

من اجل إعادة الثقة وتحسين فرص التقدم في الملف اليمني، يجب علينا الاعتراف بأن المسار القائم للتدخلات الإنسانية الدولية بحاجة إلى إعادة نظر، ومعالجات جذرية ليتسق ومبادئ القانون الدولي، والمحاذير المتعلقة بتمويل الإرهاب، والتمرد والجماعات المسلحة.

 

واذ نرحب بتوجه الأمم المتحدة نحو الانتقال بمسار التدخلات الاغاثية الى نطاق التنمية المستدامة، فإن هذا التحول يجب ان يشمل ضخ التعهدات والتمويلات الدولية عبر البنك المركزي اليمني المعترف به، لتعزيز موقف العملة الوطنية، وكبح جماح التضخم، وضمان عدم وقوع تلك التمويلات في شبهة الدعم غير المباشر للمليشيات المسلحة.

 

وعلينا ان نعترف بتناقض هذا المسار من الدعم، مع الخطاب الدولي الذي ينشد تحسنا في مؤشرات الاقتصاد اليمني، بينما تذهب عملياته الدولية عبر مؤسسات خاضعة بالقوة لهيمنة الجماعة الحوثية، رغم إجراءاتها التعسفية التي تنتهك استقلالية القطاع المصرفي، وسرية تعاملاته، وتحويل هذا القطاع إلى شبكة غسل للأموال ونهب مدخرات المؤسسات العامة والخاصة، والمودعين من جموع المواطنين.

 

أن الاستمرار في هذا النهج يترك مؤسسات الدولة العضو في الأمم المتحدة بجاهزية ضعيفة ونقص في التمويل، وموارد غير كافية للتعامل مع التحديات العابرة للحدود، والاحتياجات الإنسانية المتزايدة في البلاد.

 

وإضافة الى ذلك تهدد هذه السياسات بتغذية اقتصاد الحرب، والسماح بتدفق الأموال والتعهدات عبر منافذ مصرفية غير خاضعة للمساءلة، والرقابة الفعالة.

 

كما ان ما توفره تدخلات الحكومة اليمنية من عون أنساني، يثبت ان دعمها في تحسين الخدمات الأساسية من شأنه ان يجعل حياة ملايين الرجال والنساء والأطفال أفضل، إضافة الى تعزيز فرص السلام بحشد الناس حول مصالحهم في التنمية والازدهار، وليس شعارات العنف، والموت والكراهية.

 

السيد الرئيس،،

السادة المندوبين،،

قلت من على هذا المنبر في العام الماضي أنه كلما تباطأ المجتمع الدولي عاما أخر عن تقديم موقف حازم إزاء الملف اليمني، كلما كانت الخسائر أكثر فداحة، والجماعات الإرهابية أكثر خطرا في تهديداتها العابرة للحدود، فضلا عن انتهاكاتها الفظيعة لحقوق الإنسان التي توحدت حولها أممنا تحت مظلة هذه المؤسسة على مدى أكثر من سبعين عاما.

 

وبالفعل فأننا نشهد هذا العام تناميا متسارعا لخطر تهديدات تنظيمي القاعدة، وداعش التي تغذيها الجماعة الحوثية، والنظام الإيراني بالمال والسلاح، والدعم الاستخباري، متقاسمة معها القاعدة التكفيرية ذاتها.

 

وعندما تحدثت اليكم قبل عام من على هذا المنبر كانت الموازنة العامة للدولة تحقق أفضل المؤشرات منذ اندلاع الحرب، مطلقة برامج واعدة لتحسين الخدمات، وخلق فرص العمل، ولكن ذلك الزخم توقف وما يزال بفعل الهجمات الإرهابية الحوثية على المنشآت النفطية التي وضعت البلاد على شفا أزمة إنسانية شاملة.

 

واجدها مناسبة للقول انه لولا الدعم السخي الذي تلقته الحكومة من الأشقاء في المملكة العربية السعودية الشهر الماضي، من خلال منحة مالية قيمتها مليار ومائتا مليون دولار دعما للموازنة العامة للدولة، لكانت الحكومة قد عجزت عن الوفاء بالتزاماتها الأساسية بما في ذلك عدم القدرة على دفع رواتب الموظفين.

وننوه أيضا في هذا السياق بالتمويلات والتعهدات الإنسانية والإنمائية، من الأشقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة، والأصدقاء في الولايات المتحدة الأميركية، ودول الاتحاد الأوروبي، والمملكة المتحدة، وباقي الشركاء الإقليميين والدوليين.

 

ورغم كل هذه التدخلات الإنسانية، أعود للإحاطة بأن الجماعة الحوثية صعدت مؤخرا تهديداتها باستهداف خطوط الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن واعتبارها مناطق عسكرية، ملوحة باختبار أسلحة جديدة في الجزر اليمنية واستهداف السفن التجارية وناقلات النفط، ما يؤكد استمرار هذه الميليشيات ومن خلفها النظام الإيراني في زعزعة امن واستقرار المنطقة، وتقويض جهود التهدئة وإفشال المساعي المبذولة لتجديد الهدنة واستئناف العملية السياسية.

 

وأننا هنا نجدد التأكيد على أهمية ضمان حرية الملاحة الدولية، ومكافحة التطرف والإرهاب، والقرصنة، ودعم الإجراءات الرامية لمنع انتشار الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى، وعلى رأسها برنامج إيران النووي، وصواريخها البالستية ودورها التخريبي في المنطقة.

 

كما نجدد دعوة المجتمع الدولي إلى إدانة التدخلات الإيرانية السافرة في شؤون بلدنا، وتحويله الى منصة تهديد عبر الحدود، وإخضاعها إلى الجزاءات المعتمدة بموجب قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالملف اليمني.

 

وفي هذا السياق ندعو الدول الأعضاء إلى الالتزام بنظام حظر الأسلحة، ومواجهة النفوذ الإيراني المزعزع لاستقرار المنطقة، ومنعه من تزويد مليشياته بالتقنيات العسكرية كالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، التي تستخدم في ارتكاب أعمال إرهابية بحق المدنيين الأبرياء.

 

السيد الرئيس

 

السادة المندوبين

يؤكد مجلس القيادة الرئاسي، والحكومة التزامهما الصارم بكافة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، بما في ذلك حماية الأطفال ومنع اشراكهم في النزاع المسلح.

 

كما يلتزم بتوفير الضمانات اللازمة لعمل المنظمات الدولية، وتسهيل وصول تدخلاتها الى مستحقيها في مختلف انحاء اليمن.

 

ولتعزيز هذه الجهود تعمل الحكومة، على تمكين اللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الانسان، والآليات الدولية والأممية ذات الصلة من الوفاء بمهامها دون قيد او شرط.

 

وهو ما يدفعنا إلى الإشارة بأن كافة التفاهمات التي وقعتها وكالات الأمم المتحدة مع الجماعة الحوثية لم تجد حتى الآن طريقها للتنفيذ، حيث تستمر في تجنيد الأطفال وتعبئتهم إلى معسكرات القتال على مرأى ومسمع العالم اجمع.

 

كما نرى يوميا انتهاكات الجماعة الحوثية الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك القيود على سفر وعمل، وتعليم المرأة، وقمع الصحفيين واختطافهم، وسحق المناوئين لفكرها المتطرف.

 

كما تستخدم المليشيات والتنظيمات الإرهابية المنابر الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي لغسل عقول شبابنا، والتحريض ضد تدخلات وكالات وموظفي الإغاثة، والأقليات والرعايا الأجانب.

 

وقد أصدرت الجماعة الحوثية مئات الأحكام الجائرة، وصادرت أصول معارضيها السياسيين بالقوة المسلحة، وفجرت منازلهم في واحدة من أبشع عمليات الانتقام على مر التاريخ.

 

كما حولت الأراضي اليمنية إلى حقل ألغام لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية الثانية، مخلفة ألاف الضحايا معظمهم من النساء والأطفال.

 

كما شردت ملايين النازحين واللاجئين داخليا وعبر الحدود والقارات الذين استقبلهم أشقاء أوفياء في المملكة العربية السعودية ومصر والأردن، وتركيا وباقي الأقطار والدول حول العالم.

 

وفي كل مرة ليس هناك من فهم لأسباب تجاهل المجتمع الدولي لهذه الانتهاكات الفظيعة للكرامة الإنسانية التي تتطلب موقفا حازما لمحاسبة مرتكبيها وإخضاعهم للعقوبات.

 

السيد الرئيس،،

السيدات والسادة

تؤكد الجمهورية اليمنية على موقفها الثابت تجاه القضية الفلسطينية، والدفع بمسار السلام قدما نحو حل عادل وشامل للقضية على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، بما يكفل حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.

 

كما نؤكد دعمنا لكافة المساعي الرامية لإحلال السلام في السودان وفي المقدمة جهود المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية والولايات المتحدة بما يعيد لهذا البلد العزيز، الأمن والاستقرار، والتنمية.

 

كما لا يفوتني التعبير عن كامل التضامن وخالص العزاء للأشقاء في ليبيا، والمملكة المغربية بضحايا الأعاصير، والزلازل المدمرة التي ضربت البلدين الشقيقين، حيث تزداد مخاطر المتغيرات المناخية في تهديد نظامنا الكوني.

 

شكرا لكم.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.