إقتصاد وتكنولوجيا

قباطي: البنك المركزي هو الجهة التي تتبنى السياسات النقدية من أجل تحقيق الاستقرار


       

قال وزير السياحة السابق الدكتور محمد عبدالمجيد قباطي دخل اليمن في واقع معقد على كل المستويات وفي مختلف الأصعدة على إثر الإنقلاب الحوثي في سبتمبر  2014،.. وعلى ضوء ذلك تتعدد وتتشابك العوامل التي يجب مراعاتها عند تقييم الوضع الاقتصادي الذي أصبح يسود فيه.

وقد ساهم غياب التناغم بين الأداء الإقتصادي والتوجهات السياسية في ذلك الوضع إلى مقاربات لم تساعد في صياغة سياسات أفضل وتوجيهات أقوى تخفف المحنة الشاملة، ونجم عنه هذا الفشل الذي ساد الوضع الإقتصادي طوال كل مراحل هذه الحقبة الكئيبة من تاريخنا المعاصر..

 

لقد تلقيت على مدى اليومين الماضيين الكثير من الإستفسارات حول ما جاء في مداخلاتي في الحلقة الماضية من برنامج "خط أحمر" على "قناة الغد المشرق". ولقد حاولت أن أجيب عليها لأولئك الأصدقاء بالقدر المستطاع من فهمي على ضوء واقع خبرتي الحياتية ومعارفي الأولية في علم الإقتصاد في إطار تحصيلي العلمي للتقدم لإمتحانات المستوى العالي لشهادة الثقافة العامة البريطانية GCE A-Level Economics؛ وبالتالي معرفتي غير التخصصية في الإقتصاد.

ولعله يستوجب عليَّ الآن مع نشري لرابط تلك المقابلة أن أرفقها ببعض الملاحظات والتعريفات لأساعد بعض المتابعين على تفهم  أبعاد ما قدمته من نقد على فشل السياسات النقدية والمالية والإنمائية، وما تبعه من تخبط في السياسات الإقتصادية للحكومات المتتالية لِـ"الشرعية" على مدى الأعوام الثمانية الأخيرة:

 

١- السياسات النقدية هي تلك الموجهات التي تؤثر في الأمور المالية والنقدية داخل الاقتصاد، وهي المسؤولة عن إدارة العرض النقدي وسعر الفائدة في الاقتصاد، وتهدف إلى التحكم في النمو الاقتصادي ومعدلات التضخم من خلال ضبط معدلات الفائدة وسياسات السيولة المالية. البنك المركزي هو الجهة التي تتبنى هذه السياسات من أجل تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي.

 

٢- السياسات المالية تتعلق بإدارة ميزانية الحكومة وتوجيه الإنفاق العام وهي المسؤولة عن كيفية توجيه الإيرادات والنفقات الهادفة  إلى تحقيق التوازن بينهما، وتقوم تبعًا لذلك بتوجيه الإنفاق الحكومي لدعم أهداف اقتصادية واجتماعية محددة.

 

٣- البنك المركزي هو الجهة المسؤلية عن تحديد السياسات النقدية  والإشراف على تنفيذها وعلى ضبط العرض النقدي ومعدلات الفائدة و للحفاظ على استقرار الاقتصاد والعملة.

 

٤- تتولى الحكومة مسؤلية وضع السياسات المالية وتحديد سياسات الضرائب والجمارك والإنفاق، وتقديم مشروعات الميزانية، وإدارة موارد الدولة من الضرائب والجمارك والرسوم والدخل الريعي من قطاع النفط والغاز ومشتقاتها والمعادن والإتصالات والبريد والشركات الحكومية في قطاعات النقل والموانئ والطيران والمصارف وتكرير النفط ، وكذا إدارة الديون العامة والإنفاق الحكومي. كما أن الحكومة هي التي تتولى الإدارة والإشراف على الشق الثالث للسياسة الإقتصادية المعروف بإسم السياسات الإنمائية عبر وضع إستراتيجيات تنموية تشمل تعزيز الإستثمارات وتطوير البنية التحتية وتحسين فرص العمل وتعزيز التعليم والتدريب.

 

٥- التنسيق بين البنك المركزي والحكومة ضروري لتحقيق الاستدامة المالية، حيث يجب أن تكون السياسات النقدية والمالية متناسقة لضمان تحقيق الأهداف الاقتصادية بشكل فعال ومتناسب؛ ولكل من البنك المركزي والحكومة أدوار مهمة في تحقيق الاستدامة المالية وإيجاد توازن بين الإنفاق والإيرادات وتجنب التضخم والديون المفرطة.

 

بكل أسف وقعت الحكومات المتتالية لِـ"الشرعية" فريسة لمتاهات الإنغماس في "السياسة" بالمفهوم السطحي والعقيم لها، وقادها ذلك إلى إهمال المفهوم المتعارف عليه بأن الإقتصاد هي سياسة مكثفة، كما أنها في ذات الوقت أيضًا لم تستوعب فيه بالمقابل المفهوم القائل بأن السياسة ما هي إلّا  إقتصاد مكثف..

على ضوء كل ما سبق التنويه إليه، قد يقول قائل بأنه يحق على الشعب حينئذٍ أن يصرخ مرددًا العبارة الشهيرة التي كان أطلقها جيمس كارفيل، المستشار السياسي لبيل كلينتون في أثناء انتخابات 1992 الرئاسية:

‏ "It's the economy, stupid!"

"إنه الاقتصاد، أيها الغبي!"

 

لعله ربما يكون من المناسب القول بأن المخرج المرحلي الملح الآن أصبح هو طلب العون الإقليمي والدولي لإنجاز إصلاح القطاع الأمني وحكومته، ومن ثم وبجانب ذلك الترويج لإستراتيجية طويلة المدى لتحفيز الاقتصاد وإطلاق التنمية مجددًا.. وتزامنًا مع ذلك ينبغي التوجه الجاد والتبني العاجل لوضع سياسات مالية ونقدية وتنموية قصيرة الأمد ومتوسطة المدى لتأمين التدابير الضرورية لتحصيل كل موارد الدولة المختلفة وتعزيز الاستثمارات وتطوير البنية التحتية وتحسين فرص العمل والتجويد النوعي  التعليم والتدريب بكل جوانبه ومخرجاته.

 

مع أزكى السلام وصادق المودة..

https://www.youtube.com/watch?v=nFyTT0xS6bw