أخبار عدن

تفاصيل الجلسة الأولى من محاكمة المتهم بقتل فاطمة سرور "فتاة توب سنتر"


       

نشر الكاتب الصحفي عبد الرحمن أنيس تفاصيل الجلسة الأولى من محاكمة المتهم بقتل الشابة فاطمة سرور "جريمة توب سنتر".

وذكر أنيس في التفاصيل التي نشرها عبر صفحته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك": عربة مصفحة وأطقم ترافقها تمر أمام مجمع عدن مول الشهير، وصوت يشبه جرس سيارة الاسعاف يدوي في المكان ، يلتفت احد الجنود إلى زميله داخل المحكمة ويقول له : "اسمع الصوت لقد حضر المتهم".

توقفت العربة داخل ساحة مبنى محكمة استئناف عدن، نزل منها شاب عشريني مقيد اليدين يرتدي لباس السجناء الأزرق، التفت ببصره إلى أعلى المبنى متأملًا، قبل أن يقتاده الجنود ليصل إلى قاعة المحكمة من البوابة الخاصة لدخول المتهمين.

 

بداية الجلسة

عقدت محكمة المنصورة الابتدائية جلستها الأولى صباح اليوم الخميس برئاسة فضيلة القاضي / فهد محمد البناء عضو محكمة المنصورة وبحضور أمين السر فهمي شمسان، للنظر في قضية مقتل الشابة فاطمة محمد عمر سرور دومان، والتي عرفت اعلاميا بـ "جريمة توب سنتر"، والمتهم فيها محسن رشاد محسن احمد المخيري.

حضر من جانب النيابة العامة القاضي يحيى ناصر الشعيبي رئيس نيابة استئناف شمال عدن، والقاضي هاني احمد عمير عضو نيابة المنصورة ، كما حضر من جانب أولياء الدم والد ووالدة المجني عليها ، ومحامية أولياء الدم ليزا مانع القباطي.

 

تنصيب محامي للمتهم

سأل القاضي المتهم عن اسمه فكان يقرب الميكرفون من فمه ثم ينزله عدة مرات ولا يتكلم، أمر القاضي بإحضار  المتهم الى منصة قريبة من القاضي لكنه ظل على وضعه لا يتكلم ، وحين قرأ عليه اسمه أومأ برأسه موافقا.

-- سأله القاضي: هل لديك محامي ؟

- المتهم لم يرد.

-- القاضي: هل يوجد احد من ذوي المتهم في القاعة ؟

رفع اثنان أيديهما ، احدهم عمه والأخر شقيقه.

- عم المتهم : كنا سنوكل له محامي لكن المتهم رفض ذلك.

- شقيق المتهم: بحثنا عن محامين للترافع عن المتهم لكن ذلك قوبل بالرفض.

-- القاضي للمتهم: يا محسن ، حين حققت معك النيابة قلت انك لن تتكلم الا في وجود محامي ، لماذا الآن لا يوجد معك محامي ؟

- المتهم صامت لا يرد.

عرض القاضي على المحامي عبدالعزيز بن صلاح الموجود في القاعة الترافع عن المتهم لكنه رفض ذلك بشدة ، حاولت محامية أولياء الدم أقناعه أيضا بالترافع عن المتهم لكي تستقيم الإجراءات ولا تتعطل الجلسة لكنه رفض.

-- القاضي يلتفت لمحام أخر: هل ستترافع عن المتهم ؟

يتقدم المحامي محمد عبدالرحيم موافقا ويقدم بطاقته للقاضي، فتقرر المحكمة تنصيبه محاميا عن المتهم.

 

قرار الاتهام

بعد تنصيب المحكمة محاميا للمتهم ، طلب القاضي من النيابة العامة قراءة قرار الاتهام ، وطلب من المتهم الإصغاء للقرار لكي يرد عليه.

وجاء نص قرار الاتهام كالتالي:

(( تتهم النيابة العامة ، محسن رشاد محسن احمد - 21 عاما ، بأنه بتاريخ 1 أغسطس 2023 بدائرة اختصاص نيابة ومحكمة المنصورة الابتدائية قتل عمدا وعدوانا نفسا معصومة الدم هي المجني عليها فاطمة محمد عمر سرور دومان ، بان قام بتوجيه طعنات قاتلة في جسد المجني عليها بواسطة سكين خنجر ، اثناء تواجدها في الدور الثالث من مركز توب سنتر التجاري في المنصورة ، في الصدر والظهر والرقبة واخترقت التجويف الصدري والأوعية الدموية نتج عنها النزيف الدموي الغزير والوفاة ، كما أوضح ذلك تقرير الطبيب الشرعي بقصد قتلها ، وعلى النحو المبين تفصيلا في الأوراق.

وتقدم النيابة العامة المتهم المذكور امام محكمة المنصورة الابتدائية لمحاكمته وتطلب الحكم عليه بالإعدام قصاصا وتعزيزا ، مع مصادرة سلاح الجريمة )).

 

رد المتهم على قرار الاتهام

طلب فضيلة القاضي فهد البناء من المتهم الرد على قرار الاتهام الذي تلته النيابة العامة ، فظل صامتا ولم يتكلم.

أمر القاضي بالسماح للمتهم بالاقتراب منه أكثر ، وتم اقتياده إلى أمام القاضي مباشرة ، وظل القاضي يسأله هل تقر أم تنكر بما جاء في قرار الاتهام ؟ .. لكن المتهم اقترب من القاضي وكان يتكلم بصوت خافت غير مسموع للحاضرين.

قال القاضي أن المتهم طلب منه أن تكون الجلسة مغلقة ، وابدي القاضي استعداده لذلك إذا قدم المتهم سببا وجيها لذلك، وطلب منه تقديم سبب مقنع، لكن المتهم ظل صامتا بعد ذلك ووجهه أمام القاضي مباشرة.

مرت عشر دقائق والقاضي يحاول أقناع المتهم بالرد دون جدوى، وأخيرا أمر بإعادته إلى مكانه.

-- القاضي: أكثر من هكذا سأعتبر نفسي اضغط على المتهم، المتهم التزم الصمت واعتبرت المحكمة ذلك إنكارا وفقا للقانون، وتطلب المحكمة من النيابة العامة تقديم أدلتها.

 

النيابة تقرأ اعترافات المتهم

قام عضو النيابة بقراءة أدلة الإثبات وأولها الاعتراف ، حيث اعترف المتهم في محاضر جمع الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة ، بقوله : (( كلمت فاطمة أني باكلم أختي تجي تخطبها من أهلها لكنها رفضت، وأثناء ما كنا في الدور الثالث من مركز توب سنتر بالمنصورة زاد غضبي، وكانت فاطمة تغلف الثياب ، أتيت لها من الخلف وكان بيدي سكين خنجر وقمت بطعنها خمس طعنات في الظهر والصدر والرقبة ، والطعنة الأخيرة اتت في عينها ودخلت السكينة في عينها ، وكنت اشتريت السكين قبل فترة من الواقعة، وكنت لابس يوم الحادثة جرم كوم لونه اسود وسروال جينز ازرق  والإصابة التي في أصبعي هي من السكين أثناء محاولة طعن فاطمة )).

-- القاضي للمتهم : أدليت باعترافات في البحث الجنائي وأمام النيابة والآن تلتزم الصمت ليش ؟

- المتهم صامت لا يرد ، يرفع الميكرفون إلى قريب من فمه ثم ينزله للأسفل دون أن يتكلم.

 

مواجهة المتهم بأقوال الشهود

قرأت النيابة العامة أقوال شهود الإثبات في محاضر جمع الاستدلالات وتحقيقات النيابة، كالتالي:

  • شهادة الشاهد ع.ع.ن.ك في محاضر جمع الاستدلالات والتي قال فيها : (( بعد صلاة العشاء من تاريخ 1 أغسطس 2023 صعدت إلى الممر في الدور الثالث في مركز توب سنتر بالمنصورة ، وبعد أن خرجت ونزلت الدرج سمعت بنت تقول ابو ناصر ابوناصر ، ورجعت إلى مصدر الصوت في الدور الثالث، وعندما اقتربت من المكان شاهدت المتهم يجري مسرعا نحو الدرج، ووصلت إلى مكان فاطمة وكانت مرمية على ظهرها في الأرض ، والدماء تسيل من فمها وانفها من الجانب الأيمن وشاهدت السكين مغروس في عينها اليسرى ، وحاولت أخرجه من عينها وما قدرت، ثم نزلت إلى الدور الأرضي وصيحت للعمال وتم نقل فاطمة إلى مستشفى البريهي وعلمت لاحقا أنها توفت )).

كما أفاد الشاهد بقوله في محاضر التحقيقات: (( حضرت إلى إدارة البحث الجنائي مع محققي المنصورة أثناء اخذ أقوال المتهم، وقد اعترف أمامي بدون ضغط آو أكراه من احد وبكامل إرادته بأنه قام بقتل فاطمة محمد عمر )).

  • كما استعرضت النيابة عدد من أقوال الشهود تلاوة من المحاضر ، أكد أحداها انه شاهد المتهم يجري باتجاه شرطة المنصورة قبل اكتشاف الجريمة بلحظات ، وأكدت الأخرى على ان المتهم أدلى باعترافاته في محاضر جمع الاستدلالات دون ضغط أو إكراه ، وسيتم الاستماع لأقوال الشهود حضوريا أمام القاضي في الجلسة القادمة.

 

تقرير الطبيب الشرعي

جاء في تقرير الطبيب الشرعي المؤرخ بتاريخ 8 أغسطس 2023 والذي قرأته النيابة في الجلسة ما يلي : (( بعد فحص جثة المجني عليها فاطمة محمد عمر سرور ، تبين أنها تعرضت لعدة إصابات طعنية وقطعية بواسطة آلة حادة تقترب من التجويف الصدري ومزقت الاوعية الدموية الهامة والكبيرة نتج عنها النزيف الدموي الغزير والوفاة )).

 

التقرير الفني المصور

ضم التقرير الفني صورا فوتوغرافية لمسرح الجريمة وجثة المجني عليها ، حيث لوحظ تطابق الاصابات على جسد المجني عليها ، مع الإصابات التي ذكرها المتهم في أقواله.

 

رد المتهم على أدلة الإثبات

ولدى مطالبة المتهم بالرد على أدلة الإثبات بقي صامتا كما كان منذ بداية الجلسة ، حينها عرض عليه القاضي صورة له مأخوذة من كاميرات المراقبة ، وسأله :

-- القاضي: من هذا الشخص الذي في الصورة ؟

- المتهم يحملق بنظره في الصورة ولا يرد.

-- القاضي: ليش ما ترد ، هل تحاول تقنعني انك مجنون او فيك حالة نفسية ؟

- المتهم صامت لا يرد.

 

مواجهة المتهم بسلاح الجريمة

كما تم عرض سلاح الجريمة المحرز وهو سكين خنجر على المتهم وتم سؤاله عما اذا كان هذا هو السلاح الذي استخدمه فأومأ برأسه موافقا دون أن يتكلم.

 

محامية أولياء الدم تطلب القصاص من المتهم والتعويض من مالك توب سنتر

وفي الجلسة قدمت المحامية ليزا مانع القباطي ، محامية أولياء الدم ، دعوى مطالبة أولياء الدم بالقصاص الشرعي من المتهم لقتله المجني عليها التي كانت تعمل لمساعدة وإعالة أسرتها كما كانت على وشك الالتحاق بالتعليم الجامعي.

كما تقدمت محامية أولياء الدم بدعواها المدنية ضد مالك محل توب سنتر الذي ارتكبت فيه الجريمة ، قائلة أن (( المحل توجد فيه كاميرات مراقبة ولكن لا يتوفر فيه موظف مختص بمشاهدة الكاميرات ، ولو كان فيه موظف مختص بذلك لكان بإمكانه الحيلولة دون ارتكاب الجريمة خاصة وان الجريمة قد أخذت وقتها )) - حد تعبيرها.

وأضافت المحامية : (( تأكد من خلال الشهود انه لا توجد حراسة أمنية في المحل، الأمر الذي سهل هروب المتهم ، ولولا ستر الله ولطفه لكان لا يزال طليق السراح ، الأمر الذي يترتب عليه تحميل محل توب سنتر ومالكه مسؤولية الإهمال والتقصير )).

وطالبت محامية أولياء الدم بالآمر بالقصاص الشرعي والقانوني من المتهم ، والأمر بالتعويض المدني تجاه مالك محل توب سنتر بتعويض أولياء الدم عما أصابهم من ضرر مادي ونفسي وجراء تحميله المسؤولية التقصيرية مبلغ وقدره خمسون مليون ريال يمني.

 

محامي المتهم يطلب عرضه على طبيب نفسي والنيابة تعترض

وفي الجلسة طالب محامي المتهم بإحالته إلى الطب النفسي لما ظهر عليه من سلوكيات في المحكمة ، ولما ظهر من ظروف اعتقاله حيث تم الإمساك به يأكل بسكويت بجانب الجامعة اللبنانية بعد ارتكابه للجريمة.

واعترضت النيابة العامة على طلب محامي المتهم ، حيث تحدث القاضي بحيى ناصر الشعيبي قائلا : (( المتهم طبيعي جدا وحالته طبيعية ، ويحاول أمام المحكمة أن يتظاهر بأن لديه حالة نفسية مصطنعة، فالمتهم اعترف تفصيلا في محاضر جمع الاستدلالات وأمام شهود الإقرار بتفاصيل سليمة متطابقة مع واقع الحادثة ، كما هي اعترافاته أمام النيابة العامة طبيعية وتفصيلية )).

كما عقبت محامية أولياء الدم على طلب محامي المتهم ، قائلة بان الموظفين ومالك محل توب سنتر نفسه اقر بالصحة العقلية للمتهم منذ التحاقه بالعمل قبل ثلاث سنوات ولحين ارتكاب الجريمة ، كما ان المتهم تمسك بحضور محام منذ البداية وحضر محام في الجلسة الثانية أثناء تحقيق النيابة.

 

قرار المحكمة

قررت المحكمة أن التزام المتهم بالصمت أمام المحكمة لا يدل الا على كمال وعيه ، وقال القاضي : (( أن الثابت للمحكمة انه قد طرحت عدة أسئلة على المقربين من المتهم كأخيه محفوظ الذي سئل في محاضر جمع الاستدلالات أن كان أخيه يعاني من حالة نفسية، فأجاب انه ليس فيه شيء سوى شحنات في رأسه تسبب له الدوخة أحيانا، كما أن الشاهدة (م) أفادت بذلك حرفيا وان المتهم لا يتعاطى اي نوع من أنواع الأدوية )).

وأضاف القاضي : (( اتضح للمحكمة ان الطلب المقدم لا يقصد منه سوى المماطلة ليس ألا ، فمن الطبيعي أن كان المتهم يعاني من حالة نفسية أن يتم الدفع بذلك قبل المحكمة وعرض التقرير امام النيابة العامة خاصة وان أقواله أخذت مع وجود محامي له )).

وتابع القاضي : (( وكيف يمكن لن يكون المتهم يعاني من حالة نفسية وصلت الى هذا الحد من العدوانية دون ان يعرف عنه ذلك )).

وقررت المحكمة ما يلي:

1- رفض الطلب المقدم من محامي المتهم.

2- إعطاء النيابة العامة فرصة لتقديم أدلة وشهود الإثبات ، والتأجيل إلى يوم الاثنين 21 أغسطس.