إقتصاد وتكنولوجيا

أوبك+ ليست بصدد الإنصات لترهيب ترامب وتخفيض الأسعار


       
حث الرئيس الأميركي دونالد ترامب مجموعة أوبك+ على خفض أسعار النفط، وذلك خلال مشاركته عن بعد في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس قبل أسبوع، في رسالة كان الهدف منها الضغط على كبار المنتجين وترهيبهم للاستجابة لطلبه، لكن ليس هناك مؤشر على أن أوبك+ ستنصت لترامب. وقال مندوبون من أوبك+ إن من غير المرجح أن تغير المجموعة الخطط الحالية لزيادة الإنتاج تدريجيا عندما تجتمع بعد غد الاثنين.
 
وسعى الرئيس الأميركي إلى الربط بين خفض الأسعار ووقف الحرب في أوكرانيا فيما بدا وكأنه حض لروسيا على التجاوب مع مقترحه، لكن كارتل كبار المنتجين يتمسك في السنوات الأخيرة بعزل التأثيرات السياسية عن قرار الإنتاج حتى لو تعلق الأمر بروسيا نفسها، التي ظلت ملتزمة بتفاهمات سقف الإنتاج بالرغم من أن زيادة الإنتاج كانت ستخدم خططها في الحرب.
 
وقال ترامب في كلمته إلى دافوس “سأطلب أيضا من السعودية وأوبك خفض كلفة النفط. عليكم أن تخفضوها (…) بصراحة، أنا مندهش من كونهم لم يفعلوا ذلك قبل الانتخابات. لم يظهروا الكثير من الحب بعدم فعلهم هذا. وفوجئت قليلا بذلك. إذا انخفض السعر، فستنتهي الحرب الروسية – الأوكرانية على الفور.”
 
ويطلب الرئيس الأميركي من أوبك+ اعتماد سعر النفط لتحقيق أهدافه السياسية الخارجية والاقتصادية ضمن مقاربة تقوم على الضغط والترهيب وشملت عدة إجراءات ومجالات لإقناع خصوم الولايات المتحدة بأن العالم قبل ترامب ليس هو كما بعده.
 
ومن المقرر أن يعقد وزراء كبار من أوبك وحلفائها بقيادة روسيا، في ما يُعرف بكارتل أوبك+، اجتماعا في الساعة 13:00 بتوقيت غرينتش الاثنين. وقالت أربعة مصادر من أوبك+ إن اجتماع لجنة المراقبة الوزارية المشتركة الاثنين من غير المرجح أن يوصي مجموعة أوبك+ بزيادة الإنتاج بأكثر مما هو مخطط له. وقال مصدران آخران إن من السابق لأوانه تأكيد ذلك.
 
وقالت كازاخستان، العضو في أوبك+، الأربعاء إن المجموعة ستناقش جهود ترامب لزيادة إنتاج النفط الأميركي وستتخذ موقفا مشتركا بشأن هذه المسألة. ويرى خبراء أن العلاقة بين انخفاض أسعار النفط وأهداف السياسة الخارجية ليست أمرا جديدا، حيث ربط المؤرخون بين انهيار أسعار النفط في 1985 – 1986 وسقوط جدار برلين في نوفمبر 1989، ثم تفكك الاتحاد السوفييتي في ديسمبر 1991.
 
لكن المشكلة تتلخص في التساؤل التالي: إلى أي مدى يستطيع ترامب الضغط على روسيا أو السعودية للتخلي عن إستراتيجية خفض الإنتاج للحفاظ على التوازن في الأسواق؟ وفي الأسبوع الماضي أرجأ التحالف الذي تقوده السعودية وروسيا البدء بزيادة إنتاج النفط لمدة ثلاثة أشهر؛ أي حتى أبريل المقبل، ومدد التخفيضات مدة عام؛ أي حتى نهاية عام 2026، بسبب ضعف الطلب وزيادة الإنتاج من خارج المجموعة.
 
وأجرى وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان والعديد من نظرائه في أوبك+ بالفعل محادثات إثر دعوة ترامب إلى خفض أسعار النفط. لكن المندوبين قالوا إنه من غير المرجح أن يعدل الكارتل خلال اجتماعه في 3 فبراير خطته الحالية لبدء زيادة الإنتاج اعتبارا من أبريل.
 
ويتوقع ستاندرد تشارترد أن قرار أوبك+ (تأجيل زيادة الإنتاج حتى أبريل 2025 وتأجيل الإلغاء التام للتخفيضات مدة عام حتى نهاية 2026) سيساعد على منع زيادة المعروض من النفط خلال السنة الحالية، وهو ما قد يساعد في الحفاظ على استقرار الأسعار. وحدد ستاندرد تشارترد أن مجموعة أوبك+، بتعمدها تأخير التخفيض الطوعي في الأسعار وإبطائها الترفيع في الإنتاج، تكون قد سحبت بالفعل كميات كبيرة من النفط معدّة لسنة 2025 أكثر مما كان متوقعا في الأصل.
 
ويعتقد الكاتب أليكس كيماني في تقرير لموقع أويل برايس الأميركي أن الخطة السابقة لإلغاء الخفض الطوعي والزيادة التي حددتها الإمارات العربية المتحدة كانت ستضخ 496.3 مليون برميل إلى السوق في 2025. لكن الجداول الجديدة ستضيف الآن 191.3 مليون برميل فقط، وهو ما يعد مناسبا لخفض 836 ألف برميل يوميا لكامل العام.
 
كما يشير نموذج ستاندرد تشارترد للعرض والطلب إلى أن الإنتاج يمكن أن يزداد في ظل الجداول الجديدة دون التسبب في بناء مخزون عالمي، حتى دون النظر في التعويض.
 
◙ ترامب سعى للربط بين خفض الأسعار ووقف الحرب في أوكرانيا فيما بدا وكأنه حض لروسيا على التجاوب مع مقترحه
 
ويتوقع ستاندرد تشارترد أن الطلب العالمي على النفط سيزيد بمقدار 1.31 مليون برميل يوميا في 2025. لكن الدول غير الأعضاء في أوبك لن تضيف إلى الإمدادات سوى 0.96 مليون برميل يوميا. وسيساهم هذا في سحب مخزون النفط بمقدار 0.2 مليون برميل يوميا خلال الثلاثي الأول من السنة الحالية، وهو ما يتماشى مع توقعات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
 
وتوقع ستاندرد تشارترد سحبا إجماليا قدره 0.1 مليون برميل يوميا خلال كامل عام 2025، حتى لو لم تكن هناك تخفيضات في تدفقات الصادرات من إيران خلال العام. كما يقول إن السوق لم تحدد النطاق الكامل لكمية النفط التي تمت إزالتها من الخطة.
 
وزادت أسعار النفط هذا العام، إذ وصل خام برنت إلى نحو 83 دولارا للبرميل في 15 يناير وسجل أعلى مستوياته عند التسوية منذ أغسطس، وذلك بدافع المخاوف من تأثير العقوبات الأميركية المعلن عنها في يناير على إمدادات روسيا.
 
وهبطت الأسعار إلى ما دون 77 دولارا الجمعة، وأشار المحللون إلى التأثير الاقتصادي السلبي المحتمل للرسوم الجمركية التي هدد ترامب بفرضها على كندا والمكسيك اعتبارا من اليوم السبت. وتخفض الدول الأعضاء في أوبك+ حاليا إنتاج النفط بواقع 5.85 مليون برميل يوميا، وهو ما يعادل 5.7 في المئة من الإمدادات العالمية، وذلك في سلسلة من الخطوات المتفق عليها منذ عام 2022 لدعم السوق.