أدب وثقافة

المخرج محمد فاضل: النقد الفني لم يعد بريئا بل أصبح محكوما بصراعات


       
وجه المخرج المصري الكبير محمد فاضل انتقادات حادة للنقاد وكل من يمتهنون النقد الفني، معتبرا أن النقد الفني لم يعد بريئا وإنما أصبح محكوما بصراعات ومصالح وتحزبات.
 
جاء ذلك خلال ندوة نظمها معرض القاهرة الدولي للكتاب بعنوان “الكتابة والإبداع”، جمعت بين اثنين من أعمدة الفن والإبداع في مصر، هما المخرج محمد فاضل، والكاتب والسيناريست عبدالرحيم كمال، ناقشا فيها معايير الكتابة الإبداعية وأهميتها في تشكيل الوعي الجمعي.
 
وتحدث فاضل عن رؤيته للدراما كفن مقدس، مشيرا إلى أن القصص الدرامية التي جاءت في الرسالات السماوية تؤكد أهمية الحكي في التأثير على البشر. وأوضح أن الدراما تحمل مسؤولية كبرى على عاتق المبدعين، مشددا على أهمية أن تحمل الأعمال الفنية معنى ورسالة، حتى إن كانت كوميدية، فالفن لا ينفصل عن دوره التوعوي والاجتماعي.
 
وأضاف أن اختيار النص هو الخطوة الأولى في نجاح أي عمل فني، موضحا أن الفارق بين مخرج وآخر يكمن في طبيعة اختياراتهما للنصوص، مشيرا إلى أهمية الثقافة الواسعة للمخرج لفهم السياق الاجتماعي وتقديم أعمال تعيش في وجدان الجمهور لفترات طويلة.
 
◙ النقد الفني الحقيقي يعتمد على ثقافة واسعة وعمق فكري يجعل الناقد على مستوى يفوق أحيانا ثقافة الكاتب والمخرج
 
وتحدث المخرج عن الأعمال التي قدمها للسينما والتلفزيون، مشيرا إلى أنه عندما يتولى إخراج عمل فني، فإنه يحرص على دراسته بعناية ويطرح على نفسه سؤالا مهما: “هل يصلح هذا العمل لتشاهده أسرتي؟ أنا موجود لأنقل للجمهور رسالة ولا بد أن يحمل العمل الفني رسالة لكنها يجب أن تكون غير مباشرة والحكاية تبدأ من اختيار العمل نفسه وهو السيناريو وهذا شيء مهم جدا.”
 
وتطرق المخرج المصري في جزء كبير من مداخلته إلى النقد الفني مقارنا بين حركة النقد في الماضي والحاضر، مشددا على أن النقد الفني الحقيقي يعتمد على ثقافة واسعة وعمق فكري يجعل الناقد على مستوى يفوق أحيانا ثقافة الكاتب والمخرج، بما يمكنه من تقديم رؤى وإضاءات تُثري العمل الفني.
 
وأشار إلى أن هذا النوع من النقد قد أصبح نادرا في الوقت الراهن، باستثناء عدد قليل من الشباب الذين استلهموا أساليبهم من رواد النقد الكبار، إلا أن المشهد النقدي في السنوات الأخيرة شهد تحولا نحو الهجوم والسباب بدلا من النقاش البناء، مما أثر على الدور الحقيقي للنقد في تطور الإبداع.
 
ورأى أن “النقد مهم جدا لتقييم الأعمال الفنية، لكن يجب أن يتم بضمير، بعيدا عن التحزبات الشخصية أو مهاجمة البعض بلا سبب.” وتابع “ما يحدث الآن تحول إلى صراعات وانحياز، مما أفقد النقد قيمته الحقيقية، لأن النقد البريء لم يعد موجودا، أصبحنا نعتمد على ردود أفعال الجمهور لتقييم الأعمال.”
 
ومحمد فاضل مخرج من مواليد العام 1938. كان أول أعماله الدرامية المسلسل الشهير “القاهرة والناس” عام 1972. ثم كون ثنائيا فنيا ناجحا مع المؤلف أسامة أنور عكاشة وقدما معا عدة مسلسلات، منها “أبنائي الأعزاء شكرا” عام 1979، “وقال البحر” عام 1982، “أنا وأنت وبابا في المشمش” عام 1989. ولم يقتصر عمل محمد فاضل على التلفزيون فحسب بل امتد أيضا إلى السينما فقدّم عدة أفلام، منها “شقة في وسط البلد” عام 1975، و”حب في الزنزانة” عام 1983، و"ناصر 56" عام 1996، و”كوكب الشرق” عام 1999.