اليمن في الصحافة

معتز عامر.. من براثن حرب اليمن إلى بلاط الملك تشارلز الثالث


       

لم يكن الشاب اليمني معتز عامر (18 عاما) يتصوّر بعد الفرار من بلده بجراح حرب الانقلاب، أنه سيحقق قصة نجاح نادرة الوقوع في المهجر.

 

خاض معتز مع عائلاته رحلة مغامرة عسيرة بين ثلاث قارات تحولت إلى لحظة تكريم فارقة في بلاط ملك المملكة المتحدة تشارلز الثالث بعد ظفره بلقب "صانع التغيير الشاب" كأحد الملهمين على مستوى المملكة.

 

 رحيل قسري

عند انفجار حرب الحوثي في اليمن 2015، قرر والد معتز مغادرة مدينة تعز (وسط) رفقة عائلته المؤلفة من 5 أفراد بمن فيهم معتز الذي كان حينها طفلا في ربيعه الثامن.

 

وكانت محطة معتز وعائلته الأولى المملكة العربية السعودية، حيث بدأ رب الأسرة هناك ترتيب حياة جديدة؛ لكن وبعد 6 أعوام من الاستقرار وانتهاء عقد عمله في المملكة، قرر خوض مغامرة جديدة والهجرة رفقة عائلته لصعوبة العودة إلى دوامة الحرب التي تضرب بلاده.

 

بحلول صيف العام 2021، انتقلت العائلة إلى مصر حاملة معها آلامًا وآمالاً وأمنيات، ظلت في القاهرة بهدف استيفاء معاملات الهجرة إلى اليونان، وبعد 8 أشهر كان موعد الانتقال إلى أثينا قد حان، حيث كانت المحطة قبل الأخيرة لمعتز وعائلته قبل الوصول إلى غايتهم المملكة المتحدة، لتأسيس حياة جديدة كُليًا هناك.

 

حياة جديدة

يقول معتز في حديثه لـ"العين الإخبارية" إن جل ما كان يرغب به أن يلقَ ضالته في حياة آمنة ومستقرة مع عائلته، وأن تنتهي فصول الرحلة الشاقة التي فرضتها عليهم ظروف الحرب في الوطن الأم، وتحديدًا في تعز التي يحنّ لها ويتذكر فيها تفاصيل طفولته هناك قبل حوالي عقد.

 

بعد نصف عام قضاها وعائلته في اليونان، توّجت الرحلة أخيرا بالوصول إلى المملكة المتحدة بداية 2022، بعد أن حط معتز وعائلته الرحال في مدينة بلفاست بأيرلندا الشمالية، ليبدأ حياة جديدةً مودعًا سنوات الشتات والهجرة من بلدٍ لآخر.

 

خلال 6 أشهر منذ وصوله المملكة المتحدة كلاجئ، اتقن معتز وشقيقه معتصم اللغة الإنجليزية "تعلمنا اللغة في مقر إقامتنا المؤقت بالفندق على أيدي أساتذة أيرلنديين كانوا يقدمون لنا حصصا يومية"؛ ولحسن حظه، حظي بفرصة الانضمام إلى منظمة "The Prince's Trust"، منظمة خيرية أسسها تشارلز الثالث، من خلال معلميه الذين استشعروا فيه اهتماما في مساعدة الآخرين.

 

 بداية الطريق

ويضيف معتز عامر لـ"العين الاخبارية" أن انضمامه لهذه المنظمة المعنية بدعم الشباب "في المملكة المتحدة ودول الكومنولث في مجال التدريب وتنمية المهارات الحياتية الأساسية والاستعداد للعمل"، مهد له طريق الوصول الى البلاط الملكي لتكريمه من قبل الملك تشارلز الثالث.

 

 

وأشار إلى أنه انخرط ضمن منظمات محلية "لدعم أنشطة ومشاريع خيرية"، وبناء على تقييم نشاطه مع المنظمات في دعم الشباب وخدمة اللاجئين كسفير لمنظمة "The Prince's Trust" فاز بلقب "صانع التغيير الشاب في أيرلندا الشمالية" ثم فاز بنفس اللقب على مستوى المملكة المتحدة.

 

تكريم ملكي

وفوجئ الشاب اليمني معتز عندما دُعي إلى قصر بكنهجام للاحتفاء به وتكريمه؛ وكانت المفاجأة الأكبر بالنسبة له أنه كُرم من قبل الملك تشارز الثالث شخصيا، وذلك في مايو / أيار 2023.

 

يقول معتز لـ "العين الإخبارية" وهو يصف تلك اللحظة التاريخية في حياته "كانت لحظة فخر واعتزاز وأمل وسعادة، آمنت وقتها أن فعل الخير يعود علينا بالخير ونحن نحصد ثمار ما نفعل، وليس ثمة ما هو أفضل من مساعدة الآخرين..".

 

ويضيف "كان دعم والدي لي هو الأساس لهذا النجاح الذي يحققه أول شاب يمني، أنا فخور أنا ذلك الشاب هو أنا".

 

ولا يحد من طموح معتز أي شيء بل يسعى لتحقيق المزيد والأفضل "لقد علمتني رحلتي الشاقة والملهمة في نفس الوقت كيف أصبح قويا وصلبا على مواجهة التحديات"، فجل وقته يكرسه حاليا في التأسيس للمرحلة الجامعية والاستمرار في العمل التطوعي و"مواصلة تمثيل وطني بأفضل ما يكون".

 

وعلى موقعها الإلكتروني الذي تصفحته "العين الإخبارية"، قالت منظمة "The Prince's Trust"، إن تكريم معتز عامر كصانع تغير يأتي "تكريمًا للشباب الذين يلهمون الآخرين من خلال تجربتهم الشخصية في تغيير حياتهم".

 

وأكدت المنظمة أن معتز أظهر مرونة لا تصدق في مواجهة الشدائد، منذ وصوله كطالب لجوء، استغل فرص التعلم وصمم على رد الجميل لمجتمعه بتخصيص يومان في الأسبوع للعمل التطوعي كناشط في التغيير الاجتماعي كما يعمل في مساعدة طالبي اللجوء الآخري، إلى جانب عمله في التأسيس للمرحلة الجامعية.